قد كفانا مئونته، فلا تعد إليه. قال ابن العربي: " روى إسحاق بن بشر الكاهلي عن مالك ابن أنس، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب: عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في [لم يكن] الذين كفروا لعطلوا الأهل والمال ولتعلموها) (1).
حديث باطل، وإنما الحديث الصحيح ما روي عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب: (إن الله أمرني أن اقرأ عليك " لم يكن الذين كفروا " قال: وسماني لك!؟ قال " نعم " فبكى).
قلت: خرجه البخاري ومسلم. وفيه من الفقه قراءة العالم على المتعلم. قال بعضهم:
إنما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم على أبي، ليعلم الناس التواضع، لئلا يأنف أحد من التعلم والقراءة على من دونه في المنزلة. وقيل: لان أبيا كان أسرع أخذا لألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأراد بقراءته عليه، أن يأخذ ألفاظه ويقرأ كما سمع منه، ويعلم غيره.
وفيه فضيلة عظيمة لأبي، إذ أمر الله رسوله أن يقرأ عليه. قال أبو بكر الأنباري: وحدثنا أحمد بن الهيثم بن خالد، قال حدثنا علي بن الجعد، قال حدثنا عكرمة عن عاصم عن زر بن حبيش قال: في قراءة أبي بن كعب: ابن آدم لو أعطي واديا من مال لالتمس ثانيا ولو أعطي واديين من مال لالتمس ثالثا، ولا يملا جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب. قال عكرمة:
قرأ علي عاصم " لم يكن " ثلاثين آية، هذا فيها. قال أبو بكر: هذا باطل عند أهل العلم، لان قراءتي ابن كثير وأبي عمرو متصلتان بأبي بن كعب، لا يقرأ فيهما هذا المذكور في " لم يكن " مما هو معروف في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أنه من كلام الرسول عليه السلام، لا يحكيه عن رب العالمين في القرآن. وما رواه اثنان معهما الاجماع:
أثبت مما يحكيه واحد مخالف مذهب الجماعة.