وأشار بالسبابة والوسطى. ومن حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إن اليتيم إذا بكى اهتز لبكائه عرش الرحمن فيقول الله تعالى لملائكته: يا ملائكتي، من ذا الذي أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب، فتقول الملائكة ربنا أنت أعلم، فيقول الله تعالى لملائكته: يا ملائكتي، اشهدوا أن من أسكته وأرضاه؟ أن أرضيه (1) يوم القيامة). فكان ابن عمر إذا رأى يتيما مسح برأسه، وأعطاه شيئا. وعن أنس قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من ضم يتيما فكان في نفقته، وكفاه مؤونته، كان له حجابا من النار يوم القيامة، ومن مسح برأس يتيم كان له بكل شعرة حسنة]. وقال أكثم ابن صيفي: الأذلاء أربعة: النمام، والكذاب، والمديون، واليتيم.
الثالثة - قوله تعالى: (وأما السائل فلا تنهر) أي لا تزجره، فهو نهى عن إغلاظ القول. ولكن رده ببذل يسير، أو رد جميل، واذكر فقرك، قاله قتادة وغيره. وروي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [لا يمنعن أحدكم السائل، وأن يعطيه إذا سأل، ولو رأى في يده قلبين (2) من ذهب]. وقال إبراهيم بن أدهم: نعم القوم السؤال: يحملون زادنا إلى الآخرة. وقال إبراهيم النخعي: السائل بريد الآخرة، يجئ إلى باب أحدكم فيقول: هل تبعثون إلى أهليكم بشئ. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ردوا السائل ببذل يسير، أو رد جميل، فإنه يأتيكم من ليس من الانس ولا من الجن، ينظر كيف صنيعكم فيما خولكم الله]. وقيل: المراد بالسائل هنا، الذي يسأل عن الدين، أي فلا تنهره بالغلظة والجفوة، وأجبه برفق ولين، قاله سفيان. قال ابن العربي: وأما السائل عن الدين فجوابه فرض على العالم، على الكفاية، كإعطاء سائل البر سواء. وقد كان أبو الدرداء ينظر إلى أصحاب الحديث، ويبسط رداءه لهم، ويقول: مرحبا بأحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي حديث أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري (3)، قال: كنا إذا أتينا أبا سعيد يقول: مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [إن الناس لكم تبع