موعدة منه له قاله قتادة ومجاهد وغيرهما. وقيل: معنى الاستثناء أن إبراهيم هجر قومه وباعدهم إلا في الاستغفار لأبيه، ثم بين عذره في سورة " التوبة " (1).
وفى هذا دلالة على تفضيل نبينا عليه الصلاة والسلام على سائر الأنبياء، لأنا حين أمرنا بالاقتداء به أمرنا أمرا مطلقا في قوله تعالى: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (2) " [الحشر: 7] وحين أمرنا بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام استثنى بعض أفعاله. وقيل: هو استثناء منقطع، أي لكن قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك، إنما جرى لأنه ظن أنه أسلم، فلما بان له أنه لم يسلم تبرأ منه. وعلى هذا يجوز الاستغفار لمن يظن أنه أسلم، وأنتم لم تجدوا مثل هذا الظن، فلم توالوهم. (وما أملك لك من الله من شئ) هذا من قول إبراهيم عليه السلام لأبيه، أي ما أدفع عنك من عذاب الله شيئا إن أشركت به. (ربنا عليك توكلنا) هذا من دعاء إبراهيم عليه السلام وأصحابه. وقيل: علم المؤمنين أن يقولوا هذا. أي تبرءوا من الكفار وتوكلوا على الله وقولوا: " ربنا عليك توكلنا " أي اعتمدنا (وإليك أنبنا) أي رجعنا (وإليك المصير) لك الرجوع في الآخرة (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا) أي لا تظهر عدونا علينا فيظنوا أنهم على حق فيفتتنوا بذلك. وقيل: لا تسلطهم علينا فيفتنونا ويعذبونا. (واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم).
قوله تعالى: لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد 6 عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم 7 قوله تعالى: (لقد كان لكم فيهم) أي في إبراهيم ومن معه من الأنبياء والأولياء.
(أسوة حسنة) أي في التبرؤ من الكفار. وقيل: كرر للتأكيد. وقيل: نزل الثاني بعد