مقام الرسول عليه الصلاة والسلام. وفي قول آخر له: يصرف إلى مصالح المسلمين من سد الثغور وحفر الأنهار وبناء القناطر، يقدم الأهم فالأهم، وهذا في أربعة أخماس الفئ.
فأما السهم الذي كان له من خمس الفئ والغنيمة فهو لمصالح المسلمين بعد موته صلى الله عليه وسلم بلا خلاف، كما قال عليه الصلاة والسلام: (ليس لي من غنائمكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم). وقد مضى القول فيه في سورة " الأنفال " (1). وكذلك ما خلفه من المال غير موروث، بل هو صدقة يصرف عنه إلى مصالح المسلمين، كما قال عليه السلام:
(إنا لا نورث ما تركناه صدقة). وقيل: كان مال الفئ لنبيه صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: " ما أفاء الله رسوله " فأضافه إليه، غير أنه كان لا يتأثل (2) مالا، إنما كان يأخذ بقدر حاجة عياله ويصرف الباقي في مصالح المسلمين. قال القاضي أبو بكر بن العربي: لا إشكال أنها ثلاثة معان في ثلاث آيا ت، أما الآية الأولى فهي قوله: " هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر " [الحشر: 2] ثم قال تعالى: " وما أفاء الله على رسوله منهم " يعني من أهل الكتاب معطوفا عليهم.
(فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) يريد كما بينا، فلا حق لكم فيه، ولذلك قال عمر: إنها كانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني بني النضير وما كان مثلها. فهذه آية واحدة ومعنى متحد. الآية الثانية: قوله تعالى: " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول " وهذا كلام مبتدأ غير الأول لمستحق غير الأول. وسمى الآية الثالثة آية الغنيمة، ولا شك في أنه معنى آخر باستحقاق ثان لمستحق آخر، بيد أن الآية الأولى والثانية، اشتركتا في أن كل واحدة منهما تضمنت شيئا أفاءه الله على رسوله، واقتضت الآية الأولى أنه حاصل بغير قتال، واقتضت آية الأنفال أنه حاصل بقتال، وعريت الآية الثالثة وهي قوله تعالى:
" ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى " عن ذكر حصوله بقتال أو بغير قتال، فنشأ الخلاف من هاهنا، فمن طائفة قالت: هي ملحقة بالأولى، وهو مال الصلح كله ونحوه.