ومن طائفة قالت: هي ملحقة بالثانية وهي آية الأنفال. والذين قالوا أنها ملحقة بآية الأنفال اختلفوا، هل هي منسوخة - كما تقدم - أو محكمة؟ وإلحاقها بشهادة الله بالتي قبلها (1) أولى، لان فيه تجديد فائدة ومعنى. ومعلوم أن حمل الحرف من الآية فضلا عن الآية على فائدة متجددة أولى من حمله على فائدة معادة. وروى ابن وهب عن مالك في قوله تعالى:
" فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب " بني النضير (2)، لم يكن فيها خمس ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب. كانت صافية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقسمها بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار، حسب ما تقدم. وقوله " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى " هي قريظة، وكانت قريظة والخندق في يوم واحد. قال ابن العربي: قول مالك إن الآية الثانية في بني قريظة، إشارة إلى أن معناها يعود إلى آية الأنفال، ويلحقها النسخ. وهذا أقوى (3) من القول بالأحكام. ونحن لا نختار إلا ما قسمنا وبينا أن الآية الثانية لها معنى مجدد حسب ما دللنا عليه. والله أعلم.
قلت - ما اختاره حسن. وقد قيل إن سورة " الحشر " نزلت بعد الأنفال، فمن المحال أن ينسخ المتقدم المتأخر. وقال ابن أبي نجيح: المال ثلاثة: مغنم، أو فئ، أو صدقة، وليس منه درهم إلا وقد بين الله موضعه. وهذا أشبه.
الثالثة - الأموال التي للأئمة والولاة فيها مدخل ثلاثة أضرب: ما أخذ من المسلمين على طريق التطهير لهم، كالصدقات والزكوات. والثاني - الغنائم، وهو ما يحصل في أيدي المسلمين من أموال الكافرين بالحرب والقهر والغلبة. والثالث: الفئ، وهو ما رجع للمسلمين من أموال الكفار عفوا صفوا من غير قتال ولا إيجاف، كالصلح والجزية والخراج والعشور المأخوذة من تجار الكفار. ومثله أن يهرب المشركون ويتركوا أموالهم، أو يموت أحد منهم في دار الاسلام ولا وارث له. فأما الصدقة فمصرفها الفقراء والمساكين والعاملين عليها، حسب ما ذكره الله تعالى، وقد مضى في " براءة " (4). وأما الغنائم فكانت