دمائهم ويجليهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح، فاحتملوا كذلك إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام. وكان ممن سار منهم إلى خيبر أكابرهم، كحيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وكنانة بن الربيع. فدانت لهم خيبر.
الثالثة: ثبت في صحيح مسلم وغيره عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق. ولها يقول حسان:
وهان على سراة بني لوي * حريق بالبويرة مستطير وفي ذلك نزلت: " ما قطعتم من لينة " الآية.
واختلف الناس في تخريب دار العدو وتحريقها وقطع ثمارها على قولين: الأول - أن ذلك جائز، قال في المدونة. الثاني - إن علم المسلمون أن ذلك لهم لم يفعلوا، وإن يئسوا فعلوا، قاله مالك في الواضحة. وعليه يناظر أصحاب الشافعي. ابن العربي: والصحيح الأول. وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخل بني النضير له، ولكنه قطع وحرق ليكون ذلك نكاية لهم ووهنا فيهم حتى يخرجوا عنها. وإتلاف بعض المال لصلاح باقيه مصلحة جائزة شرعا، مقصودة عقلا.
الرابعة - قال الماوردي: إن في هذه الآية دليلا على أن كل مجتهد مصيب. وقاله الكيا الطبري قال: وإن كان الاجتهاد يبعد في مثله مع وجود النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، ولا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي ذلك وسكت، فتلقوا الحكم من تقريره فقط. قال ابن العربي: وهذا باطل، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معهم، ولا اجتهاد مع حضور رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يدل على اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فيما لم ينزل عليه، أخذا بعموم الأذية للكفار، ودخولا في الاذن للكل بما يقضي عليهم بالاجتياح والبوار، وذلك قوله تعالى: " وليجزي الفاسقين ".
الخامسة: اختلف في اللينة ما هي، على أقوال عشرة: الأول - النخل كله إلا العجوة، قاله الزهري ومالك وسعيد بن جبير وعكرمة والخليل. وعن ابن عباس ومجاهد