أبا عبس بن جبر - واسمه عبد الرحمن وكان من كبار الصحابة - مشى إلى الجمعة راجلا وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من أغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار). ويحتمل ظاهره رابعا: وهو الجري والاشتداد قال ابن العربي:
وهو الذي أنكره الصحابة الأعلمون والفقهاء الأقدمون. وقرأها عمر: " فامضوا إلى ذكر الله " فرارا عن طريق الجري والاشتداد الذي يدل على الظاهر. وقرأ ابن مسعود كذلك وقال:
لو قرأت " فاسعوا " لسعيت حتى يسقط ردائي. وقرأ ابن شهاب: " فامضوا إلى ذكر الله سالكا تلك السبيل ". وهو كله تفسير منهم، لا قراءة قرآن منزل. وجائز قراءة القرآن بالتفسير في معرض التفسير. قال أبو بكر الأنباري: وقد احتج من خالف المصحف بقراءة عمر وابن مسعود، وأن خرشة بن الحر قال: رآني عمر رضي الله عنه ومعي قطعة فيها " فاسعوا إلى ذكر الله " فقال لي عمر: من أقرأك هذا؟ قلت أبي. فقال: إن أبيا أقرؤنا للمنسوخ.
ثم قرأ عمر " فامضوا إلى ذكر الله ". حدثنا إدريس قال حدثنا خلف قال حدثنا هشيم عن المغيرة عن إبراهيم عن خرشة، فذكره. وحدثنا محمد بن يحيى أخبرنا محمد وهو ابن سعدان قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: ما سمعت عمر يقرأ قط إلا " فامضوا إلى ذكر الله ". وأخبرنا إدريس قال حدثنا خلف قال حدثنا هشيم عن المغيرة عن إبراهيم أن عبد الله بن مسعود قرأ " فامضوا إلى ذكر الله " وقال: لو كانت " فاسعوا " لسعيت حتى يسقط ردائي. قال أبو بكر: فاحتج عليه بأن الأمة أجمعت على " فاسعوا " برواية ذلك عن الله رب العالمين ورسوله صلى الله عليه وسلم. فأما عبد الله بن مسعود فما صح عنه " فامضوا " لان السند غير متصل، إذ إبراهيم النخعي لم يسمع عن عبد الله بن مسعود شيئا، وإنما ورد " فأمضوا " عن عمر رضي الله عنه. فإذا انفرد أحد بما يخالف الآية والجماعة كان ذلك نسيانا منه. والعرب مجمعة على أن السعي يأتي بمعنى المضي، غير أنه لا يخلو من الجد والانكماش. قال زهير:
سعى ساعيا غيظ بمرة بعد ما * تبزل ما بين العشيرة بالدم