عليه الصلاة والسلام: (إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليؤمكما أكبركما) قاله لمالك ابن الحويرث وصاحبه. وفي البخاري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس. وقد روي عن أبي الصديق وأحمد بن حنبل أنها تصلي قبل الزوال.
وتمسك أحمد في ذلك بحديث سلمة بن الأكوع: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم ننصرف وليس للحيطان ظل. وبحديث ابن عمر: ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة.
ومثله عن سهل. خرجه مسلم. وحديث سلمة محمول على التبكير. رواه هشام بن عبد الملك عن يعلي بن الحارث عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه. وروى وكيع عن يعلي عن إياس عن أبيه قال: كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفئ. وهذا مذهب الجمهور من الخلف والسلف، وقياسا على صلاة الظهر. وحديث ابن عمر وسهل، دليل على أنهم كانوا يبكرون إلى الجمعة تبكيرا كثيرا عند الغداة أو قبلها، فلا يتناولون ذلك إلا بعد انقضاء الصلاة. وقد رأى مالك أن التبكير بالجمعة إنما يكون قرب الزوال بيسير.
وتأول قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة...) الحديث بكماله إنه كان في ساعة واحدة. وحمله سائر العلماء على ساعات النهار الزمانية الاثنتي عشرة ساعة المستوية أو المختلفة بحسب زيادة النهار ونقصانه. ابن العربي: وهو أصح، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: ما كانوا يقيلون ولا يتغدون إلا بعد الجمعة لكثرة البكور إليها.
التاسعة: فرض الله تعالى الجمعة على كل مسلم، ردا على من يقول: إنها فرض على الكفاية، ونقل عن بعض الشافعية. ونقل عن مالك من لم يحقق: أنها سنة. وجمهور الأمة والأئمة أنها فرض على الأعيان، لقول الله تعالى: " إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ". وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين). وهذا حجة واضحة في وجوب الجمعة وفرضيتها. وفي سنن ابن ماجة عن أبي الجعد الضمري - وكانت له صحبة - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها