اختيار أبي عبيد، أي لا يقبل منكم بدل ولا عوض ولا نفس أخرى. (مأواكم النار) أي مقامكم ومنزلكم (هي مولا كم) أي أولى بكم، والمولى من يتولى مصالح الانسان، ثم استعمل فيمن كان ملازما للشئ. وقيل: أي النار تملك أمرهم، بمعنى أن الله تبارك وتعالى يركب فيها الحياة والعقل فهي تتميز غيظا على الكفار، ولهذا خوطبت في قوله تعالى: (يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من (1) مزيد). (وبئس المصير) أي ساءت مرجعا ومصيرا.
قوله تعالى: ألم يأن للذين ء امنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون (16) اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون (17) قوله تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا) أي يقرب ويحين، قال الشاعر:
ألم يأن لي يا قلب أن أترك الجهلا * وأن يحدث الشيب المبين لنا عقلا وماضيه أنى بالقصر يأنى. ويقال: آن لك - بالمد - أن تفعل كذا يئين أينا أي حان، مثل أنى لك وهو مقلوب منه. وأنشد ابن السكيت:
ألما يئن لي أن تجلى عمايتي * وأقصر عن ليلى بلى قد أنى ليا فجمع بين اللغتين. وقرأ الحسن (ألما يأن) وأصلها (ألم) زيدت (ما) فهي نفي لقول القائل: قد كان كذا، و (لم) نفي لقوله: كان كذا. وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) إلا أربع سنين. قال الخليل: العتاب مخاطبة الا دلال ومذاكرة الموجدة، تقول عاتبته معاتبة (أن تخشع) أي تذل وتلين (قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق)