قوله تعالى: لن تغنى عنهم أموالهم ولا أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (17) يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شئ ألا انهم هم الكاذبون (18) استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا ان حزب الشيطان هم الخاسرون (19) قوله تعالى: (لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا) أي من عذابه شيئا.
وقال مقاتل: قال المنافقون إن محمدا يزعم أنه ينصر يوم القيامة، لقد شقينا إذا! فوالله لننصرن يوم القيامة بأنفسنا وأولادنا وأموالنا إن كانت قيامة. فنزلت (1): (يوم يبعثهم الله جميعا) أي لهم عذاب مهين يوم يبعثهم (فيحلفون له كما يحلفون لكم) اليوم. وهذا أمر عجيب وهو مغالطتهم باليمين غدا، وقد صارت المعارف ضرورية. وقال ابن عباس: هو قولهم (والله ربنا ما كنا مشركين (2)). (ويحسبون أنهم على شئ) بإنكارهم وحلفهم. قال ابن زيد:
ظنوا أنهم ينفعهم في الآخرة. وقيل: (ويحسبون) في الدنيا (أنهم على شئ) لأنهم في الآخرة يعلمون الحق باضطرار. والأول أظهر. وعن ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(ينادي مناد يوم القيامة أين خصماء الله فتقوم القدرية مسودة وجوههم مزرقة أعينهم مائل شدقهم يسيل لعابهم فيقولون والله ما عبدنا من دونك شمسا ولا قمرا ولا صنما ولا وثنا، ولا اتخذنا من دونك إلها). قال ابن عباس: صدقوا والله! أتاهم الشرك من حيث لا يعلمون، ثم تلا (ويحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون) هم والله القدرية. ثلاثا.
قوله تعالى: (استحوذ عليهم الشيطان) أي غلب واستعلى، أي بوسوسته في الدنيا.
وقيل: قوي عليهم. وقال المفضل: أحاط بهم. ويحتمل رابعا أي جمعهم وضمهم. يقال:
أحوذ الشئ أي جمعه وضم بعضه إلى بعض، وإذا جمعهم فقد غلبهم وقوي عليهم وأحاط بهم.