ربك على تقصير كان منك (وذكر) أي بالعظة فإن العظة (تنفع المؤمنين). قتادة: (وذكر) بالقرآن (فإن الذكرى) به (تنفع المؤمنين). وقيل: ذكرهم بالعقوبة وأيام الله. وخص المؤمنين، لأنهم المنتفعون بها.
قوله تعالى: وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون (56) ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون (57) ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين (58) فات للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون (59) فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون (60) قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون) قيل: إن هذا خاص فيمن سبق في علم الله أنه يعبده، فجاء بلفظ العموم ومعناه الخصوص. والمعنى: وما خلقت أهل السعادة من الجن والإنس إلا ليوحدون. قال القشيري: والآية دخلها التخصيص على القطع، لان المجانين والصبيان ما أمروا بالعبادة حتى يقال أراد منهم العبادة، وقد قال الله تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس (1)) ومن خلق لجهنم لا يكون ممن خلق للعبادة، فالآية محمولة على المؤمنين منهم، وهو كقوله تعالى: (قالت الاعراب آمنا (2)) وإنما قال فريق منهم. ذكره الضحاك والكلبي والفراء والقتبي. وفي قراءة عبد الله: (وما خلقت الجن والإنس من المؤمنين إلا ليعبدون) وقال علي رضي الله عنه: أي وما خلقت الجن والإنس إلا لآمرهم بالعبادة. واعتمد الزجاج على هذا القول، ويدل عليه قوله تعالى:
(وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا (3)). فإن قيل: كيف كفروا وقد خلقهم للاقرار بربوبيته والتذلل لامره ومشيئته؟ قيل: تذللوا لقضائه عليهم، لان قضاءه جار عليهم لا يقدرون على الامتناع منه، وإنما خالفهم من كفر في العمل بما أمره به، فأما التذلل لقضائه فإنه غير ممتنع منه. وقيل: (إلا ليعبدون) أي إلا ليقروا لي بالعبادة طوعا أو كرها، رواه علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس. فالكره ما يرى فيهم من أثر الصنعة. مجاهد: إلا ليعرفوني.