قلت: قوله (في كثيب) يريد أهل الجنة، أي وهم على كثب، كما في مرسل الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أهل الجنة ينظرون ربهم في كل يوم جمعة على كثيب من كافور) الحديث. وقد ذكرناه في كتاب (التذكرة). وقيل: إن المزيد ما يزوجون به من الحور العين، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعا.
قوله تعالى: وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص (36) ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد (37) ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب (38) قوله تعالى: (وكم أهلكنا قبلهم من قرن) أي كم أهلكنا يا محمد قبل قومك من أمة هم أشد منهم بطشا وقوة. (فنقبوا في البلاد) أي ساروا فيها طلبا للمهرب. وقيل: أثروا في البلاد، قاله ابن عباس. وقال مجاهد: ضربوا وطافوا. وقال النضر بن شميل: دوروا.
وقال قتادة: طوفوا. وقال المؤرج تباعدوا، ومنه قول امرئ القيس:
وقد نقبت في الآفاق حتى * رضيت من الغنيمة بالإياب ثم قيل: طافوا في أقاصي البلاد طلبا للتجارات، وهل وجدوا من الموت محيصا؟.
وقيل: طوفوا في البلاد يلتمسون محيصا من الموت. قال الحرث بن حلزة:
نقبوا في البلاد من حذر الموت * وجالوا في الأرض كل مجال وقرأ الحسن وأبو العالية (فنقبوا) بفتح القاف وتخفيفها. والنقب هو الخرق والدخول في الشئ. وقيل: النقب الطريق في الجبل، وكذلك المنقب والمنقبة، عن ابن السكيت.
ونقب الجدار نقبا، واسم تلك النقبة نقب أيضا، وجمع النقب النقوب، أي خرقوا البلاد وساروا في نقوبها. وقيل: أثروا فيها كتأثير الحديد فيما ينقب. وقرأ السلمي يحيى بن يعمر (فنقبوا) بكسر القاف والتشديد على الامر بالتهديد والوعيد، أي طوفوا البلاد وسيروا