تعالى. ذكر أبو المطرف عبد الرحمن بن مروان القلاني قال: حدثنا أبو محمد الحسن ابن رشيق، قال حدثنا علي بن يعقوب الزيات، قال حدثنا إبراهيم بن هشام، قال حدثنا زكريا ابن أبي أبان، قال حدثنا الليث بن الحرث قال حدثنا الحسن بن داهر، قال سئل عبد الله بن المبارك عن بدء زهده قال: كنت يوما مع إخواني في بستان لنا، وذلك حين حملت الثمار من ألوان الفواكه، فأكلنا وشربنا حتى الليل فنمنا، وكنت مولعا بضرب العود والطنبور، فقمت في بعض الليل فضربت بصوت يقال له راشين (1) السحر، وأراد سنان يغني، وطائر يصيح فوق رأسي على شجرة، والعود بيدي لا يجيبني إلى ما أريد، وإذا به ينطق كما ينطق الانسان - يعني العود الذي بيده - ويقول: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق) قلت: بلى والله! وكسرت العود، وصرفت من كان عندي، فكان هذا أول زهدي وتشميري. وبلغنا عن الشعر الذي أراد ابن المبارك أن يضرب به العود:
ألم يأن لي منك أن ترحما * وتعص العواذل واللوما وترثي لصب بكم مغرم * أقام على هجركم مأتما يبيت إذا جنه ليله * يراعي الكواكب والأنجما وماذا على الظبي لو أنه * أحل من الوصل ما حرما وأما الفضيل بن عياض فكان سبب توبته أنه عشق جارية فواعدته ليلا، فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع قارئا يقرأ: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) فرجع القهقرى وهو يقول: بلى والله قد آن فآواه الليل إلى خربة وفيها جماعه من السابلة، وبعضهم يقول لبعض: إن فضيلا يقطع الطريق. فقال الفضيل: أواه! أراني بالليل أسعى في معاصي الله، قوم من المسلمين يخافونني! اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي إليك جوار بيتك الحرام.