روي أن المزاح والضحك كثر في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما ترفهوا بالمدينة، فنزلت الآية، ولما نزلت هذه الآية قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يستبطئكم بالخشوع) فقالوا عند ذلك: خشعنا. وقال ابن عباس: إن الله استبطأ قلوب المؤمنين، فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن. وقيل: نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنة. وذلك أنهم سألوا سلمان أن يحدثهم بعجائب التوراة فنزلت: (الر تلك آيات الكتاب (1) المبين) إلى قوله:
(نحن نقص عليك أحسن القصص) الآية، فأخبرهم أن هذا القصص أحسن من غيره وأنفع لهم، فكفوا عن سلمان، ثم سألوه مثل الأول فنزلت: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق) فعلى هذا التأويل يكون الذين آمنوا في العلانية باللسان.
قال السدي وغيره: (ألم يأن للذين آمنوا) بالظاهر وأسروا الكفر (أن تخشع قلوبهم لذكر الله). وقيل: نزلت في المؤمنين. قال سعد: قيل يا رسول الله لو قصصت علينا فنزل: (نحن نقص عليك) فقالوا بعد زمان: لو حدثتنا فنزل: (الله نزل أحسن (2) الحديث) فقالوا بعد مدة: لو ذكرتنا فأنزل الله تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق) ونحوه عن ابن مسعود قال: ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين، فجعل ينظر بعضنا إلى بعض ويقول: ما أحدثنا؟ قال الحسن: استبطأهم وهم أحب خلقه إليه. وقيل: هذا الخطاب لمن آمن بموسى وعيسى دون محمد عليهم السلام لأنه قال عقيب هذا: (والذين آمنوا بالله ورسله) أي ألم يأن للذين آمنوا بالتوراة والإنجيل أن تلين قلوبهم للقران، وألا يكونوا كمتقدمي قوم موسى وعيسى، إذ طال عليهم الأمد بينهم وبين نبيهم فقست قلوبهم.
قوله تعالى: (ولا يكونوا) أي وألا يكونوا فهو منصوب عطفا على (أن تخشع).
وقيل: مجزوم على النهي، مجازه ولا يكونن، ودليل هذا التأويل رواية رويس عن يعقوب (لا تكونوا) بالتاء، وهي قراءة عيسى وابن اسحق. يقول: لا تسلكوا سبيل اليهود والنصارى، أعطوا التوراة والإنجيل فطالت الأزمان بهم. قال ابن مسعود: إن بني إسرائيل