قلت: ومن هذا المعنى قوله عليه الصلاة والسلام: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا وكذا حتى يقول له من خلق ربك فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته) وقد تقدم في آخر (الأعراف (1)). ولقد أحسن من قال:
ولا تفكرن (2) في ذي العلا عز وجهه * فإنك تردى إن فعلت وتخذل ودونك مصنوعاته فاعتبر بها * وقل مثل ما قال الخليل المبجل قوله تعالى: وانه هو أضحك وأبكى (43) وأنه هو أمات وأحيا (44) وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى (45) من نطفة إذا تمنى (46) قوله تعالى: (وأنه هو أضحك وأبكى) ذهبت الوسائط وبقيت الحقائق لله سبحانه وتعال فلا فاعل إلا هو، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: لا والله ما قال رسول الله قط إن الميت يعذب ببكاء أحد، ولكنه قال: (إن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذابا وإن الله لهو أضحك وأبكى وما تزر وازرة وزر أخرى). وعنها قالت: مر النبي صلى الله عليه وسلم على قوم من أصحابه وهم يضحكون، فقال: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا) فنزل عليه جبريل فقال: يا محمد! إن الله يقول لك: (وأنه هو أضحك وأبكى).
فرجع إليهم فقال: (ما خطوت أربعين خطوة حتى أتاني جبريل فقال ايت هؤلاء فقل لهم إن الله تعالى يقول: (هو أضحك وأبكى) أي قضى أسباب الضحك والبكاء. وقال عطاء ابن أبي مسلم: يعني أفرح وأحزن، لان الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء. وقيل لعمر:
هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم! والايمان والله أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي. وقد تقدم هذا المعنى في (النمل (3)) و (براءة (4)). قال الحسن: