وأن يتصدق في حال يأمل الحياة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الصدقة فقال: (أن تعطيه وأنت صحيح شحيح تأمل العيش ولا تمهل حتى إذا بلغت التراقي قلت لفلان كذا ولفلان كذا) وأن يخفي صدقته، لقوله تعالى: (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم (1)) وألا يمن، لقوله تعالى: (ولا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى (1)) وأن يستحقر كثير ما يعطي، لان الدنيا كلها قليلة، وأن يكون من أحب أمواله، لقوله تعالى:
(لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما (2) تحبون) وأن يكون كثيرا، لقوله صلى الله عليه وسلم:
(أفضل الرقاب أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها). (فيضاعفه له) وقرأ ابن كثير وابن عامر (فيضعفه) بإسقاط الألف إلا ابن عامر ويعقوب نصبوا الفاء. وقرأ نافع وأهل الكوفة والبصرة (فيضاعفه) بالألف وتخفيف العين إلا أن عاصما نصب الفناء. ورفع الباقون عطفا على (يقرض). وبالنصب جوابا على الاستفهام. وقد مضى في (البقرة (1)) القول في هذا مستوفى. (وله أجر كريم) يعني الجنة.
قوله تعالى: (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات) العامل في (يوم) (وله أجر كريم)، وفي الكلام حذف أي (وله أجر كريم) في (يوم ترى) فيه (المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم) أي يمضى على الصراط في قول الحسن، وهو الضياء الذي يمرون فيه (بين أيديهم) أي قدامهم. (وبأيمانهم) قال الفراء: الباء بمعنى في، أي في أيمانهم. أو بمعنى عن أي عن أيمانهم. وقال الضحاك: (نورهم) هداهم (وبأيمانهم) كتبهم، واختاره الطبري. أي يسعى إيمانهم وعملهم الصالح بين أيديهم، وفي أيمانهم كتب أعمالهم. فالباء على هذا بمعنى في.
ويجوز على هذا أن يوقف على (بين أيديهم) ولا يوقف إذا كانت بمعنى عن. وقرأ سهل ابن سعد الساعدي وأبو حياة (وبأيمانهم) بكسر الألف، أراد الايمان الذي هو ضد الكفر.