وقول ثالث قاله علي رضي الله عنه وعكرمة. قال أبو مكين: سألت عكرمة عن البحر المسجور فقال: هو بحر دون العرش. وقال علي: تحت العرش فيه ماء غليظ. ويقال له بحر الحيوان يمطر العباد منه بعد النفخة الأولى أربعين صباحا فينبتون في قبورهم. وقال الربيع بن أنس:
المسجور المختلط العذب بالملح.
قلت: وإليه يرجع معنى (فجرت) في أحد التأويلين، أي فجر عذبها في مالحها:
والله أعلم. وسيأتي. وروى علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: المسجور المحبوس.
(ان عذاب ربك لواقع) هذا جواب القسم، أي واقع بالمشركين. قال جبير بن مطعم:
قدمت المدينة لأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر، فوافيته يقرأ في صلاة المغرب (والطور) إلى قوله: (إن عذاب ربك لواقع. ماله من دافع) فكأنما صدع قلبي، فأسلمت خوفا من نزول العذاب، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب. وقال هشام بن حسان: انطلقت أنا ومالك بن دينار إلى الحسن وعنده رجل يقرأ (والطور) حتى بلغ (إن عذاب ربك لواقع. ماله من دافع) فبكى الحسن وبكى أصحابه، فجعل مالك يضطرب حتى غشي عليه. ولما ولي بكار القضاء جاء إليه رجلان يختصمان فتوجهت على أحدهما اليمين، فرغب إلى الصلح بينهما، وأنه يعطي خصمه من عنده عوضا من يمينه فأبى إلا اليمين، فأحلفه بأول (والطور) إلى أن قاله له قل:
(إن عذاب ربك لواقع) إن كنت (1) كاذبا، فقالها فخرج فكسر من حينه.
قوله تعالى: يوم تمور السماء مورا (9) وتسير الجبال سيرا (10) فويل يومئذ للمكذبين (11) الذين هم في خوض يلعبون (12) يوم يدعون إلى نار جهنم دعا (13) هذه النار التي كنتم بها تكذبون (14) أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون (15) اصلوها فاصبروا أو لا تبصروا سواء عليكم انما تجزون ما كنتم تعملون (16)