قوله تعالى: سنفرغ لكم أيه الثقلان (31) فبأي آلاء ربكما تكذبان (32) يا معشر الجن والإنس ان استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان (33) فبأي آلاء ربكما تكذبان (34) يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران (35) فبأي آلاء ربكما تكذبان (36) قوله تعالى: (سنفرغ لكم أيه الثقلان) يقال: فرغت من الشغل أفرغ فروغا وفراغا وتفرغت لكذا واستفرغت مجهودي في كذا أي بذلته. والله تعالى ليس له شغل يفرغ منه، إنما المعنى سنقصد لمجازاتكم أو محاسبتكم، وهذا وعيد وتهديد لهم كما يقول القائل لمن يريد تهديده: إذا أتفرغ لك أي أقصدك. وفرغ بمعنى قصد، وأنشد ابن الأنباري في مثل هذا لجرير:
ألان وقد فرغت إلى نمير * فهذا حين كنت لها عذابا يريد وقد قصدت. وقال أيضا (1) وأنشده النحاس:
* فرغت إلى العبد المقيد في الحجل * وفى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بايع الأنصار ليلة العقبة، صاح الشيطان:
يأهل الجباجب (2)! هذا مذمم يبايع بني قيلة على حربكم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا إزب العقبة (3) أما والله يا عدو الله لأتفرغن لك) أي أقصد إلى إبطال أمرك. وهذا اختيار القتبي والكسائي وغيرهما. وقيل: إن الله تعالى وعد على التقوى وأوعد على الفجور، ثم قال:
(سنفرغ لكم) مما وعدناكم ونوصل كلا إلى ما وعدناه، أي أقسم ذلك وأتفرغ منه. قاله الحسن ومقاتل وابن زيد. وقرأ عبد الله وأبي (سنفرغ إليكم) وقرأ الأعمش وإبراهيم