قوله تعالى: (فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم) أي لا ينفعهم العلم بالقيامة ولا الاعتذار يومئذ. وقيل: لما رد عليهم المؤمنون سألوا الرجوع إلى الدنيا واعتذروا فلم يعذروا.
(ولا هم يستعتبون) أي ولا حالهم حال من يستعتب ويرجع، يقال: استعتبته فأعتبني، أي استرضيته فأرضاني، وذلك إذا كنت جانيا عليه. وحقيقة أعتبته: أزلت عتبه. وسيأتي في " فصلت " (1) بيانه. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: " فيومئذ لا ينفع " بالياء، والباقون بالتاء.
قوله تعالى: ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون (58) كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون (59) فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون (60) قوله تعالى: (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل) أي من كل مثل يدلهم على ما يحتاجون إليه، وينبههم على التوحيد وصدق الرسل. (ولئن جئتهم بآية) أي معجزة، كفلق البحر والعصا وغيرهما (ليقولن الذين كفروا إن أنتم) يا معشر المؤمنين. (إلا مبطلون) أي تتبعون الباطل والسحر (كذلك) أي كما طبع الله على قلوبهم حتى لا يفهموا الآيات عن الله فكذلك " يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون " أدلة التوحيد (فاصبر إن وعد الله حق) أي اصبر على أذاهم فإن الله ينصرك (ولا يستخفنك) أي لا يستفزنك عن دينك (الذين لا يوقنون) قيل: هو النضر بن الحارث. والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد أمته يقال: استخف فلان فلانا أي استجهله حتى حمله على اتباعه في الغي. وهو في موضع جزم بالنهي، أكد بالنون الثقيلة فبني على الفتح كما يبنى الشيئان إذا ضم أحدهما إلى الآخر. " الذين لا يوقنون " في موضع رفع، ومن العرب من يقول: اللذون في موضع الرفع. وقد مضى في " الفاتحة " (2).