جبا وقع فيه منكبا " وروى الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمكر ولا تعن ماكرا فإن الله تعالى يقول: " ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله "، ولا تبغ ولا تعن باغيا فإن الله تعالى يقول: " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه " [الفتح: 10] وقال تعالى: " إنما بغيكم على أنفسكم " [يونس: 23] وقال بعض الحكماء:
يا أيها الظالم في فعله * والظلم مردود على من ظلم إلى متى أنت وحتى متى * تحصى المصائب وتنسى النعم وفي الحديث (المكر والخديعة في النار). فقوله: (في النار) يعني في الآخرة تدخل أصحابها في النار، لأنها من أخلاق الكفار لا من أخلاق المؤمنين الأخيار، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في سياق هذا الحديث: (وليس من أخلاق المؤمن المكر والخديعة والخيانة). وفي هذا أبلغ تحذير عن التخلق بهذه الأخلاق الذميمة، والخروج عن أخلاق الايمان الكريمة.
قوله تعالى: (فهل ينظرون إلا سنة الأولين) أي إنما ينتظرون العذاب الذي نزل بالكفار الأولين. (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا) أي أجرى الله العذاب على الكفار، ويجعل ذلك سنة فيهم، فهو يعذب بمثله من استحقه، لا يقدر أحد أن يبدل ذلك، ولا أن يحول العذاب عن نفسه إلى غيره. والسنة الطريقة، والجمع سنن.
وقد مضى في " آل عمران " (1) وأضافها إلى الله عز وجل. وقال في موضع آخر: " سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا " (2) فأضاف إلى القوم لتعلق الامر بالجانبين، وهو كالأجل، تارة يضاف إلى الله، وتارة إلى القوم، قال الله تعالى: " فإن أجل الله لآت " (3) [العنكبوت: 5] وقال: " فإذا جاء أجلهم ". [النحل: 61].
قوله تعالى: أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شئ في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا (44)