ويعقوب، ويروى عن ابن عباس: " ربنا " رفعا " باعد " بفتح العين والدال على الخبر، تقديره:
لقد باعد ربنا بين أسفارنا، كأن الله تعالى يقول: قربنا لهم أسفارهم فقالوا أشرا وبطرا: لقد بوعدت علينا أسفارنا. واختار هذه القراءة أبو حاتم قال: لأنهم ما طلبوا التبعيد إنما طلبوا أقرب من ذلك القرب بطرا وعجبا مع كفرهم. وقراءة يحيى بن يعمر وعيسى بن عمر وتروى عن ابن عباس " ربنا بعد بين أسفارنا " بشد العين من غير ألف، وفسرها ابن عباس قال: شكوا أن ربهم باعد بين أسفارهم. وقراءة سعيد بن أبي الحسن أخي الحسن البصري " ربنا بعد بين أسفارنا. " ربنا " نداء مضاف، ثم أخبروا بعد ذلك فقالوا: " بعد بين أسفارنا " ورفع " بين " بالفعل، أي، بعدما يتصل بأسفارنا. وروى الفراء وأبو إسحاق قراءة سادسة مثل التي قبلها في ضم العين إلا أنك تنصب " بين " على ظرف، وتقديره في العربية:
بعد سيرنا بين أسفارنا. النحاس: وهذه القراءات إذا اختلفت معانيها لم يجز أن يقال إحداها أجود من الأخرى، كما لا يقال ذلك في أخبار الآحاد إذا اختلفت معانيها، ولكن خبر عنهم أنهم دعوا ربهم أن يبعد بين أسفارهم بطرا وأشرا، وخبر عنهم أنهم لما فعل ذلك بهم خبروا به وشكوا، كما قال ابن عباس. (وظلموا أنفسهم) أي بكفرهم (فجعلناهم أحاديث) أي يتحدث بأخبارهم، وتقديره في العربية: ذوي أحاديث. (ومزقناهم كل ممزق) أي لما لحقهم ما لحقهم تفرقوا وتمزقوا. قال الشعبي: فلحقت الأنصار بيثرب، وغسان بالشام، والأسد بعمان، وخزاعة بتهامة، وكانت العرب تضرب بهم المثل فتقول: تفرقوا أيدي سبا وأيادي سبأ، أي مذاهب سبأ وطرقها. (إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) الصبار الذي يصبر عن المعاصي، وهو تكثير صابر يمدح بهذا الاسم. فإن أردت أنه صبر عن المعصية لم يستعمل فيه إلا صبار عن كذا. " شكور " لنعمه، وقد مضى هذا المعنى في " البقرة " (1).
قوله تعالى: ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فأتبعوه إلا فريقا من المؤمنين (20)