ابن العربي: هذا الذي ثبت في الصحيح هو الذي ينبغي أن يعول عليه. والمعنى المراد:
هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخيرا في أزواجه، إن شاء أن يقسم قسم، وإن شاء أن يترك القسم ترك. فخص النبي صلى الله عليه وسلم بأن جعل الامر إليه فيه، لكنه كان يقسم من قبل نفسه دون أن فرض ذلك عليه، تطييبا لنفوسهن، وصونا لهن عن أقوال الغيرة التي تؤدي إلى ما لا ينبغي. وقيل: كان القسم واجبا على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسخ الوجوب عنه بهذه الآية. قال أبو رزين: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هم بطلاق بعض نسائه فقلن له: أقسم لنا ما شئت. فكان ممن آوى عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب، فكان قسمتهن من نفسه وماله سواء بينهن. وكان ممن أرجى سودة وجويرية وأم حبيبة وميمونة وصفية، فكان يقسم لهن ما شاء. وقيل: المراد الواهبات. ورى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله: " ترجي من تشاء منهن " قالت: هذا في الواهبات أنفسهن.
قال الشعبي: هن الواهبات أنفسهن، تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم منهن وترك منهن.
وقال الزهري: ما علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرجأ أحدا من أزواجه، بل آواهن كلهن. وقال أبن عباس وغيره: المعنى في طلاق من شاء ممن حصل في عصمته، وإمساك من شاء. وقيل غير هذا. وعلى كل معنى فالآية معناها التوسعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والإباحة. وما اخترناه أصح والله أعلم.
الثالثة - ذهب هبة الله في الناسخ والمنسوخ إلى أن قوله: " ترجي من تشاء " الآية، ناسخ لقوله: " لا يحل لك النساء من بعد " [الأحزاب: 52] الآية. وقال: ليس في كتاب الله ناسخ تقدم المنسوخ سوى هذا. وكلامه يضعف من جهات. وفي " البقرة " عدة المتوفي عنها أربعة أشهر وعشر، وهو ناسخ للحول وقد تقدم عليه (1).
الرابعة - قوله تعالى: (ومن ابتغيت ممن عزلت) (ابتغيت) طلبت، والابتغاء الطلب. و " عزلت " أزلت، والعزلة الإزالة، أي إن أردت أن تؤوي إليك امرأة ممن