وسلم: (أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة فأتوهم وزوروهم والذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه). وقيل: النحب الموت، أي مات على ما عاهد عليه، عن ابن عباس. والنحب أيضا الوقت والمدة. يقال: قضى فلان نحبه إذا مات. وقال ذو الرمة:
عشية فر الحارثيون بعد ما * قضى نحبه في ملتقى الخيل هوبر والنحب أيضا الحاجة والهمة، يقول قائلهم ما لي عندهم نحب، وليس المراد بالآية.
والمعنى في هذا الموضع بالنحب النذر كما قدمنا أولا، أي منهم من بذل جهده على الوفاء بعهده حتى قتل، مثل حمزة وسعد بن معاذ وأنس بن النضر وغيرهم. ومنهم من ينتظر الشهادة وما بدلوا عهدهم ونذرهم. وقد روي عن ابن عباس أنه قرأ " فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومنهم من بدل تبديلا ". قال أبو بكر الأنباري: وهذا الحديث عند أهل العلم مردود، لخلافه الاجماع، ولأن فيه طعنا على المؤمنين والرجال الذين مدحهم الله وشرفهم بالصدق والوفاء، فما يعرف فيهم مغير وما وجد من جماعتهم مبدل، رضي الله عنهم. (ليجزى الله الصادقين بصدقهم) أي أمر الله بالجهاد ليجزي الصادقين في الآخرة بصدقهم.
(ويعذب المنافقين) في الآخرة (إن شاء) أي إن شاء أن يعذبهم لم يوفقهم للتوبة، وإن لم يشأ أن يعذبهم تاب عليهم قبل الموت. (إن الله كان غفورا رحيما).
قوله تعالى: ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا (25) قوله تعالى: (ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا) قال محمد بن عمرو يرفعه إلى عائشة: قالت " الذين كفروا " هاهنا أبو سفيان وعيينة بن بدر، رجع أبو سفيان إلى تهامة، ورجع عيينة إلى نجد. (وكفى الله المؤمنين القتال) بأن أرسل عليهم ريحا وجنودا حتى رجعوا ورجعت بنو قريظة إلى صياصيهم، فكفى أمر قريظة - بالرعب. (وكان الله قويا) أمره (عزيزا) لا يغلب.