ان تقرأ أمتك القران على سبعة أحرف فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا. وروى الترمذي عنه فقال: لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال: " يا جبريل بعثت إلى أمة أمية منهم العجوز والشيخ والكبير والغلام والجارية والرجل الذي لا يقرأ كتابا قط فقال لي يا محمد ان القران انزل على سبعة أحرف ". قال هذا: حديث صحيح. وثبت في الأمهات:
البخاري ومسلم والموطأ وأبي داود والنسائي وغيرها من المصنفات والمسندات قصة عمر مع هشام بن حكيم، وسيأتي بكماله في اخر الباب مبينا إن شاء الله تعالى.
وقد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولا ذكرها أبو حاتم محمد بن حبان البستي، نذكر منها في هذا الكتاب خمسة أقوال:
الأول - وهو الذي عليه أكثر أهل العلم كسفيان بن عيينة وعبد الله بن وهب والطبري والطحاوي وغيرهم: ان المراد سبعة أوجه من المعاني المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو اقبل وتعال وهلم. قال الطحاوي: وأبين ما ذكر في ذلك حديث أبي بكرة قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ على حرف، فقال ميكائيل: استرده، فقال: اقرأ على حرفين، فقال ميكائيل: استرده، حتى بلغ إلى سبعة أحرف، فقال: اقرأ فكل شاف كاف الا ان تخلط اية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعال واقبل واذهب وأسرع وعجل. وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي بن كعب ان كان يقرأ " للذين امنوا انظرونا " (1): للذين آمنوا أمهلونا، للذين آمنوا أخرونا، للذين آمنوا ارقبونا. وبهذا الاسناد عن أبي انه كان يقرأ " كلما أضاء لهم مشوا فيه " (2): مروا فيه، سعوا فيه.
وفي البخاري ومسلم قال الزهري: انما هذه الأحرف في الامر الواحد ليس يختلف في حلال ولا حرام.
قال الطحاوي: انما كانت السعة للناس في الحروف لعجزهم عن اخذ القران على غير لغاتهم، لأنهم كانوا أميين لا يكتب الا القليل منهم، فلما كان يشق على كل ذي لغة ان يتحول إلى غيرها من اللغات، ولو رام ذلك لم يتهيأ له الا بمشقة عظيمة، فوسع لهم