الرابعة: قد تقدم أن البسملة ليست بآية منها على القول الصحيح، وإذا ثبت ذلك فحكم المصلي إذا كبر أن يصله بالفاتحة ولا يسكت، ولا يذكر توجيها ولا تسبيحا لحديث عائشة وأنس المتقدمين وغيرهما، وقد جاءت أحاديث بالتوجيه والتسبيح والسكوت، قال بها جماعة من العلماء، فروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أنهما كانا يقولان إذا افتتحا الصلاة: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. وبه قال سفيان وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي. وكان الشافعي يقول بالذي روى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا افتتح الصلاة كبر ثم قال:
(وجهت وجهي) الحديث، ذكره مسلم، وسيأتي بتمامه في آخر سورة الأنعام، وهناك يأتي القول في هذه المسألة مستوفى إن شاء الله (1).
قال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل أن يقرأ يقول: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد) واستعمل ذلك أبو هريرة. وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: للامام سكتتان فاغتنموا فيهما القراءة. وكان الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وأحمد بن حنبل يميلون إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب.
الخامسة: واختلف العلماء في وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة، فقال مالك وأصحابه: هي متعينة للامام والمنفرد في كل ركعة. قال ابن خويز منداد البصري المالكي:
لم يختلف قول مالك أنه من نسيها في صلاة ركعة من صلاة ركعتين أن صلاته تبطل ولا تجزيه. واختلف قوله فيمن تركها ناسيا في ركعة من صلاة رباعية أو ثلاثية، فقال مرة:
يعيد الصلاة، وقال مرة أخرى: يسجد سجدتي السهو، وهي رواية ابن عبد الحكم وغيره عن مالك. قال ابن خويز منداد وقد قيل: إنه يعيد تلك الركعة ويسجد للسهو بعد السلام.
قال ابن عبد البر: الصحيح من القول إلغاء تلك الركعة ويأتي بركعة بدلا منها، كمن