وغيره يقول عامر، وقيل يزيد، وقيل عمارة، وقيل عباد، يكني أبا الوليد توفي سنة إحدى ومائة وهو ابن تسع وسبعين سنة، لم يرو عنه الزهري إلا هذا الحديث الواحد، وهو ثقة، وروى عنه محمد بن عمرو وغيره. والمعنى في حديثه: لا تجهروا إذا جهرت فإن ذلك تنازع وتجاذب وتخالج، اقرأوا في أنفسكم. يبينه حديث عبادة وفتيا الفاروق وأبي هريرة الراوي للحديثين.
فلو فهم المنع جملة من قوله: (ما لي أنازع القرآن) لما أفتى بخلافه، وقول الزهري في حديث ابن أكيمة: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة، حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يريد بالحمد على ما بينا، وبالله توفيقنا.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة) فحديث ضعيف أسنده الحسن بن عمارة وهو متروك، وأبو حنيفة (1) وهو ضعيف، كلاهما عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر. أخرجه الدارقطني وقال: رواه سفيان الثوري وشعبة وإسرائيل ابن يونس وشريك وأبو خالد الدالاني وأبو الأحوص وسفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب. وأما قول جابر: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الامام، فرواه مالك عن وهب بن كيسان عن جابر قوله. قال ابن عبد البر: ورواه يحيى ابن سلام صاحب التفسير عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وصوابه موقوف على جابر كما في الموطأ. وفيه من الفقه إبطال الركعة التي لا يقرأ فيها بأم القرآن، وهو يشهد لصحة ما ذهب إليه ابن القاسم ورواه عن مالك في إلغاء الركعة والبناء على غيرها ولا يعتد المصلي بركعة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب. وفيه أيضا أن الامام قراءته لمن خلفه قراءة، وهذا مذهب جابر وقد خالفه فيه غيره.