قال طرفة:
* وظيفا وظيفا فوق مور معبد * (1) والعبادة: الطاعة. والتعبد: التنسك. وعبدت فلانا: اتخذته عبدا.
قوله تعالى: (الذي خلقكم) خص تعالى خلقه لهم من بين سائر صفاته إذ كانت العرب مقرة بأن الله خلقها، فذكر ذلك حجة عليهم وتقريعا لهم. وقيل: ليذكرهم بذلك نعمته عليهم. وفي أصل الخلق وجهان: أحدهما: التقدير، يقال: خلقت الأديم للسقاء إذا قدرته قبل القطع، قال الشاعر: (2) ولأنت تفري ما خلقت وبعض * القوم يخلق ثم لا يفري وقال الحجاج: ما خلقت إلا فريت، ولا وعدت إلا وفيت. الثاني: الانشاء والاختراع والابداع، قال الله تعالى: " وتخلقون إفكا " (3) [العنكبوت: 17].
قوله تعالى: (والذين من قبلكم) فيقال إذا ثبت عندهم خلقهم ثبت عندهم خلق غيرهم، فالجواب: أنه إنما يجري الكلام على التنبيه والتذكير ليكون أبلغ في العظة، فذكرهم من قبلهم ليعلموا أن الذي أمات من قبلهم وهو خلقهم يميتهم، وليفكروا فيمن مضى قبلهم كيف كانوا، وعلى أي الأمور مضوا من إهلاك من أهلك، وليعلموا أنهم يبتلون كما ابتلوا.
والله أعلم.
قوله تعالى: (لعلكم تتقون) " لعل " متصلة باعبدوا لا بخلقكم، لان من ذرأه الله لجهنم لم يخلقه ليتقي. وهذا وما كان مثله فيما ورد في كلام الله تعالى من قوله: " لعلكم تعقلون، لعلكم تشكرون، لعلكم تذكرون، لعلكم تهتدون " فيه ثلاث تأويلات.