الرسائل الفقهية - الوحيد البهبهاني - الصفحة ١١٠
حسب ما مر - أن السائل وإن كان سأل عن المطبوخ إلا أنه بعد كان مشغولا في تتمة الوصف، ما كان له أن يبادر بالجواب، لأن الطبخ ربما يومئ إلى كمال طبخ.
ثم إن السائل لما قال: يلقى عليه من العكر ويهدر ويغلى ويسكن على عكره، فهم أن سؤالهم عن المسكر، كما فهم سائر الأئمة (عليهم السلام) في أحاديث كثيرة من هذه العبارات ذلك، ولذا بادروا بالحكم بالحرمة من دون تأمل ولا استفصال.
فلعل استفهامه (صلى الله عليه وآله) استفهام تقريري، يومئ إلى ذلك قوله (صلى الله عليه وآله): " قد أكثرت علي "، إذ أنه لا إكثار في مقام التوصيف، لتوقفه على إتمام الصفات، بل مراده (صلى الله عليه وآله) أن من العبارات الأخيرة ظهر أن ما ذكرت مسكر فهلا ذكرت أولا بأنه مسكر واستغنيت بهذا [عن] التطويل (1)؟ ويمكن أن يكون سؤاله (صلى الله عليه وآله) من جهة أن العبارة وإن كان ظاهرا إلا أن التصريح أولى، ويمكن أن يكون العبارة غير ظاهرة لكن لما كانت موهمة لذلك سأل (2).
على أنه قد ذكر العامة عن الرسول حكاية عدم شرب [ما مسته] نار أو [طال] مكثه (3)، وقد أشرنا إلى نبيذ النبي (صلى الله عليه وآله).
وكان العباس أيضا في سقاية زمزم ينبذ بالغداة ويشرب بالعشي، كل ذلك قد أشير إليها، فرسول الله أولى بالمعرفة، بل الظاهر أن فعل العباس بأمر الرسول (صلى الله عليه وآله).
وبالجملة، لعله لا خفاء في أنه (صلى الله عليه وآله) كان يعرف أن النبيذ منه حلال ومنه

(١) في النسخ الخطية: (أن ما ذكرت مسكر مهلا ذكرت أولا بأنه مسكر واستغلب بهذا التطويل)، والظاهر أن ما يريده المصنف هو ما ذكرناه.
(٢) في النسخ: (لذلك سبيل)، والظاهر أن الصحيح ما أثبتناه.
(٣) لاحظ! سنن النسائي: ٨ / 331 باب الوضوء مما مست النار.
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست