وإن قلت: في أحد الخبرين في آخره: " إذا أخذت عصيرا فاطبخه حتى يذهب الثلثان " (1).
قلت: إنه يستدل بهذه الأخبار على انحصار إطلاق العصير في العنب، فما ذكرت (2) يصير دورا واضحا، مع أن في كونه قرينة أيضا تأملا (3)، فتأمل.
فإن قلت: صرح في منازعة آدم (عليه السلام) بلفظ العنب، فهو قرينة.
قلت: ما في نزاع آدم يصير قرينة لما في نزاع نوح، ولا يصير قرينة لما في نزاع نفسه وحواء، كما ورد في رواية إبراهيم (4) مما ذكره بحكم واضح، كما لا يخفى.
ومن أدلته، أنهم (عليهم السلام) قالوا: " كل مسكر حرام " جوابا لمن سأل عن حكم النبيذ (5)، زعما منه أن النبيذ هو مجرد ماء التمر فيخصص الحرمة بالتمر، وقد عرفت ما فيه.
ومنها، رواية يزيد بن خليفة أن غلامه كان يشرب النبيذ ويشرب بمشاركته، فقال له (عليه السلام): " أنظر شرابك هذا الذي تشربه، فإن كان يسكر كثيره فلا تقربن قليله، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: كل مسكر حرام، وقال: ما أسكر كثيره فقليله حرام " (6).
وفيه - مضافا إلى ما عرفت - أن الاستدلال مبني أيضا على ذلك الزعم، وقد عرفت فساده، مع أن في المقام قرينة على أن الذي كانوا يشربونه في تداعيهم هو المسكر المعهود، لأنه هو الذي يشرب في مقام العيش والسرور،