كان في عصر من العصور متأثر بالحركة العلمية فيه، وصورة منعكسة لما في العصر من آراء ونظريات علمية، ومذاهب دينية من ابن عباس إلى الأستاذ الشيخ محمد عبده. حتى لتستطيع إذا جمعت التفاسير التي ألفت في عصر من العصور، أن تتبين فيها مقدار الحركة العلمية، وأي الآراء كان سائدا شائعا وأيها غير ذلك إن التفسير يتطور بتطور العلوم، ويتدرج إلى قبول الأفكار العلمية والفلسفية، وفي تفسير السلف ما يدل على تقدمه بالتدريج، وان باب التفسير مفتوح لمن يتدبر آيات القرآن فالمعلوم تزداد يوما فيوما وان رقى العلم وازدياده يرفع مستوى التفسير. فالمؤرخ الخبير يفسر ما في القرآن من التاريخ أحسن من الفقيه، الذي لا يعرف التاريخ والأيام والواقع. وان الطبيب الحاذق أقدر على شرح ما في القرآن من مسائل الطبيعة، وكلنا يعلم أن العلوم لا تزال في ازدهار وانتشار. وما دام العلم في تطور فلكل عالم أن يقول على قدر علمه، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. فقد قال القاضي شمس الدين الخويي:
أما القرآن فتفسيره على وجه القطع، لا يعلم إلا بأن يسمع من الرسول، عليه السلام، وذلك متعذر إلا في آيات قلائل. فالعلم بالمراد يستنبط بأمارات ودلائل، والحكمة فيه أن الله تعالى أراد أن يتفكر عباده في كتابه، فلم يأمر نبيه بالتنصيص على المراد، وإنما هو عليه السلام، صوب رأي جماعة من المفسرين، فصار ذلك دليلا