والتابعين. وليست هذه الكلمة ضد المعقول في كل حال، فإن كثيرا من التفسير المنقول كان في أول من آراء العلماء، ونتيجة اجتهادهم وتدبرهم وخلاصة علمهم وفهمهم، وزبدة عقلهم وفقههم. فمن الممكن أن نقول أن التفسير منقول من جهة، ومعقول من جهة. ولو قلنا أن كل تفسير قديم كان في البدء مبنيا على الرأي والاجتهاد حسب ما كان عند المتقدمين من العلم والفقه، لما قلنا شططا. واختلاف آرائهم وآثارهم حجة لنا. إن تفسير الأقدمين صار لمن بعدهم منقولا، وحب القدامة ألبسها شعار القداسة. وما دام هذا من عادة الناس، فلننتظر اليوم الذي تصير فيه آراؤنا لمن جاء بعدنا منقولة. وقال المغفور له الشيخ العلامة، رشيد رضا: إن أكثرا ما روي في التفسير المأثور أو كثيره، حجاب على القرآن وشاغل لتاليه عن مقاصده العالية المزكية للأنفس، المنورة للعقول. وهذا القول يخالف قول بعض الناس أن السلف لم يغادروا لنا شيئا من تفسير القرآن فليس علينا إلا أن ننظر في كتبهم وأقوالهم وآثارهم ونستغني بها ثم إن عمل الخلف يخالف قولهم، لأن كل خلف يفسر أكثر من السلف ومع ذلك، فان كثيرا من حكمه ومعارفه لم يكشف عنه اللثام بعد وذلك ما يدعونا إلى فهم القرآن وتدبره، والاعتبار بآياته والاستنباط منه تأثر التفسير بالحركات العلمية:
والتفسير دائما مرآة لما في عصره من التقدم العلمي، كما قال المغفور له، الأستاذ أحمد أمين: ويظهر أن تفسير القرآن الكريم