تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٤٠
لمصالح حياتهم كما يبينه بأوفى البيان قوله تعالى: " فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم " الروم: 30.
وبهذه الآية يكمل بيان عموم رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشمول الدعوة الاسلامية لعامة البشر فقوله: " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين " الخ يشير إلى أنه كان من الواجب في سنة الهداية الإلهية أن تتم الحجة على من كفر بالدعوة من أهل الكتاب والمشركين، وهؤلاء وإن كانوا بعض أهل الكتاب والمشركين لكن من الضروري أن لا فرق بين البعض والبعض في تعلق الدعوة فتعلقها بالبعض لا ينفك عن تعلقها بالكل.
وقوله: " رسول من الله " الخ يشير إلى أن تلك البينة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقوله " وما تفرق " الخ يشير إلى أن تفرقهم وكفرهم السابق بالحق أيضا كان بعد مجئ البينة.
وقوله: " وما أمروا إلا ليعبدوا الله " الخ يفيد أن الذي دعوا إليه وأمروا به دين قيم حافظ لمصالح المجتمع البشري فعليهم جميعا أن يؤمنوا به ولا يكفروا.
قوله تعالى: " أن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية " لما فرغ من الإشارة إلى كفرهم بالبينة التي كانت توجبها سنة الهداية الإلهية وما كانت تدعوا إليه من الدين القيم أخذت في الانذار والتبشير بوعيد الكفار ووعد المؤمنين، والبرية الخلق، والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: " إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية " فيه قصر الخيرية في المؤمنين الصالحين كما أن في الآية السابقة قصر الشرية في الكفار.
قوله تعالى: " جزاؤهم عند ربهم - إلى قوله - ذلك لم خشي ربه " العدن الاستقرار والثبات فجنات عدن جنات خلود ودوام وتوصيفها بقوله: " خالدين فيها أبدا " تأكيد بما يدل عليه الاسم.
وقوله: " رضي الله عنهم " الرضى منه تعالى صفة فعل ومصداقه الثواب الذي أعطاهموه جزاء لايمانهم وعلمهم الصالح.
وقوله: " ذلك لمن خشي ربه " علامة مضروبة لسعادة الدار الآخرة وقد قال تعالى:
" إنما يخشى الله من عباده العلماء " فاطر: 28 فالعلم بالله يستتبع الخشية منه، والخشية منه تستتبع الايمان به بمعنى الالتزام القلبي بربوبيته وألوهيته ثم العمل الصالح.
واعلم أن لهم في تفسير مفردات هذه الآيات اختلافا شديدا وأقوالا كثيرة لا جدوى في التعرض لها من أراد الوقوف عليها فاليراجع المطولات.
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست