ذات عماد كونهم أولي قوة وسطوة.
والمعنى: ألم تر كيف فعل ربك بقوم عاد الذين هم قوم ارم ذوو القوة والشدة الذين لم يخلق مثلهم في بسطة الجسم والقوة والبطش في البلاد أو في أقطار الأرض ولا يخلو من بعد من ظاهر اللفظ.
وأبعد منه ما قيل: إن المراد بكونهم ذات العماد أنهم كانوا أهل عمد سيارة في الربيع فإذا هاج النبت رجعوا إلى منازلهم.
ومن الأساطير قصة جنة إرم المشهورة المروية عن وهب بن منبه وكعب الأحبار.
قوله تعالى: " وثمود الذين جابوا الصخر بالواد " الجوب القطع أي قطعوا صخر الجبال بنحتها بيوتا فهو في معنى قوله: " وتنحتون من الجبال بيوتا " الشعراء: 149.
قوله تعالى: " وفرعون ذي الأوتاد " هو فرعون موسى، وسمي ذا الأوتاد - على ما في بعض الروايات - لأنه كان إذا أراد أن يعذب رجلا بسطه على الأرض ووتد يديه ورجليه بأربعة أوتاد في الأرض وربما بسطه على خشب وفعل به ذلك، ويؤيده ما حكاه الله من قوله يهدد السحرة إذ آمنوا بموسى: " ولأصلبنكم في جذوع النخل " طه: 71 فإنهم كانوا يوتدون يدي المصلوب ورجليه على خشبة الصليب.
قوله تعالى: " الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد " صفة للمذكورين من عاد وثمود وفرعون، والمعنى ظاهر.
قوله تعالى: " فصب عليهم ربك سوط عذاب " صب الماء معروف وصب سوط العذاب كناية عن التعذيب المتتابع المتواتر الشديد، وتنكير عذاب للتفخيم.
والمعنى فأنزل ربك على كل من هؤلاء الطاغين المكثرين للفساد إثر طغيانهم واكثارهم الفساد عذابا شديدا متتابعا متواليا لا يوصف.
قوله تعالى: " إن ربك لبالمرصاد " المرصاد المكان الذي يرصد منه ويرقب وكونه تعالى على المرصاد استعارة تمثيلية شبه فيها حفظه تعالى لأعمال عباده بمن يقعد على المرصاد يرقب من يراد رقوبه فيأخذه حين يمر به وهو لا يشعر فالله سبحانه رقيب يرقب أعمال عباده حتى إذا طغوا وأكثروا الفساد أخذهم بأشد العذاب.
وفي الآية تعليل ما تقدم من حديث تعذيب الطغاة المكثرين للفساد من الماضين وفي قوله: " ربك " بإضافة الرب إلى ضمير الخطاب تلويح إلى أن سنة العذاب جارية في أمته