تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٨٥
إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون " العنكبوت: 64.
والمراد بالتقديم للحياة تقديم العمل الصالح للحياة الآخرة وما في الآية تمن يتمناه الانسان عندما يتذكر يوم القيامة ويشاهد أنه لا ينفعه.
قوله تعالى: " فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد " ضميرا " عذابه ووثاقه " لله تعالى والمعنى فيومئذ لا يعذب عذاب الله أحد من الخلق ولا يوثق وثاق الله أحد من الخلق أي عذابه ووثاقه تعالى يومئذ فوق عذاب الخلق ووثاقهم، تشديد في الوعيد.
وقرء " لا يعذب " بفتح الذال و " ولا يوثق " بفتح الثاء بالبناء للمفعول وضميرا " عذابه ووثاقه " على هذا للانسان والمعنى لا يعذب أحد يومئذ مثل عذاب الانسان ولا يوثق أحد يومئذ مثل وثاقه.
قوله تعالى: " يا أيتها النفس المطمئنة " الذي يعطيه سياق المقابلة بين هذه النفس بما ذكر لها من الأوصاف وعين لها من حسن المنقلب وبين الانسان المذكور قبل بما ذكر له من وصف التعلق بدنيا والطغيان والفساد والكفران، وما أوعد من سوء المصير هو أن النفس المطمئنة هي التي تسكن إلى ربها وترضى بما رضي به فترى نفسها عبدا لا يملك لنفسه شيئا من خير أو وشر أو نفع أو ضر ويرى الدنيا دار مجاز وما يستقبله فيها من غنى أو فقر أو أي نفع وضر ابتلاء وامتحانا إلهيا فلا يدعوه تواتر النعم عليه إلى الطغيان وإكثار الفساد والعلو والاستكبار، ولا يوقعه الفقر والفقدان في الكفر وترك الشكر بل هو في مستقر من العبودية لا ينحرف عن مستقيم صراطه بإفراط أو تفريط.
قوله تعالى: " إرجعي إلى ربك راضية مرضية " خطاب ظرفه جميع يوم القيامة من لدن إحيائها إلى استقرارها في الجنة بل من حين نزول الموت إلى دخول جنة الخلد وليس خطابا واقعا بعد الحساب كما ذكره بعضهم.
وتوصيفها بالراضية لان اطمئنانها إلى ربها يستلزم رضاها بما قدر وقضى تكوينا أو حكم به تشريعا فلا تسخطها سانحة ولا تزيغها معصية، وإذا رضي العبد من ربه رضي الرب منه إذ لا يسخطه تعالى إلا خروج العبد من زي العبودية فإذا لزم طريق العبودية استوجب ذلك رضى ربه ولذا عقب قوله " راضية " بقوله " مرضية ".
قوله تعالى: " فادخلي في عبادي وادخلي جنتي " تفريع على قوله " ارجعي إلى ربك " وفيه دلالة على أن صاحب النفس المطمئنة في زمرة عباد الله حائز مقام العبودية.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست