والكتاب بمعنى المكتوب من الكتابة بمعنى القضاء المحتوم والمراد بكتاب الفجار ما قدره الله لهم من الجزاء وأثبته بقضائه المحتوم.
فمحصل الآية أن الذي أثبته الله من جزائهم أو عده لهم لفي سجين الذي هو سجن يحبس من دخله حبسا طويلا أو خالدا.
وقوله: " وما أدراك ما سجين " مسوق للتهويل.
وقوله: " كتاب مرقوم " خبر لمبتدء محذوف هو ضمير راجع إلى سجين والجملة بيان لسجين و " كتاب " أيضا بمعنى المكتوب من الكتابة بمعنى القضاء والاثبات، و " مرقوم " من الرقم، قال الراغب: الرقم الخط الغليظ، وقيل: هو تعجيم الكتاب، وقوله تعالى:
" كتاب مرقوم " حمل على الوجهين. انتهى، والمعنى الثاني أنسب للمقام فيكون إشارة إلى كون ما كتب لهم متبينا لا إبهام فيه أي إن القضاء حتم لا يتخلف.
والمحصل أن سجين مقضى عليهم مثبت لهم متبين متميز لا إبهام فيه.
ولا ضير في لزوم كون الكتاب ظرفا للكتاب على هذا المعنى لان ذلك من ظرفية الكل للجزء وهي ممالا ضير فيه فيكون سجين كتابا جامعا فيه ما قضي على الفجار وغيرهم من مستحقي العذاب.
وقوله: " ويل يومئذ للمكذبين " نعى ودعاء على الفجار وفيه تفسيرهم بالمكذبين، و " يومئذ " ظرف لقوله: " إن كتاب الفجار لفي سجين " بحسب المعنى أي ليهلك الفجار - وهم المكذبون - يومئذ تحقق ما كتب الله لهم وقضى عليهم من الجزاء وحل بهم ما أعد لهم من العذاب.
هذا ما يفيده التدبر في هذه الآيات الأربع، وهي ذات سياق واحد متصل متلائم الاجزاء.
وللقوم في تفسير مفردات الآيات الأربع وجملها أقوال متفرقة كقولهم: إن الكتاب في قوله: " إن كتاب الفجار " بمعنى المكتوب والمراد به صحيفة أعمالهم، وقيل:
مصدر بمعنى الكتابة وفي الكلام مضاف محذوف والتقدير كتابة عمل الفجار لفي سجين.
وقولهم: إن الفجار أعم من المكذبين فيشمل الكفار والفسقة جميعا.
وقولهم: إن المراد بسجين الأرض السابعة السفلى يوضع فيها كتاب الفجار وقيل:
واد في جهنم، وقيل: جب فيها، وقيل: سجين اسم لكتابهم، وقيل: سجين الأول اسم الموضع الذي يوضع فيه كتابهم والثاني اسم كتابهم، وقيل: هو اسم كتاب جامع