تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٣٣
هو ديوان الشر دون فيه أعمال الفجرة من الثقلين، وقيل: المراد به الخسار والهوان فهو كقولهم: بلغ فلان الحضيض إذا صار في غاية الخمول، وقيل: هو السجيل بدل لامه نونا كما يقال جبرين في جبريل إلى غير ذلك مما قيل.
وقولهم: إن قوله: " كتاب مرقوم " ليس بيانا وتفسيرا لسجين بل تفسير للكتاب المذكور في قوله: " إن كتاب الفجار ".
وقولهم: إن قوله: " ويل يومئذ للمكذبين " متصل بقوله: " يوم يقوم الناس لرب العالمين " والآيات الثلاث الواقعة بين الآيتين اعتراض.
وأنت إن تأملت هذه الأقاويل وجدت كثيرا منها تحكما محضا لا دليل عليه.
على أنها تقطع ما في الآيات من السياق الواحد المتصل الذي يحاذي به ما في الآيات الأربع الآتية في صفة كتاب الأبرار من السياق الواحد المتصل فلا نطيل الكلام بالتعرض لواحد واحد منها والمناقشة فيها.
قوله تعالى: " الذين يكذبون بيوم الدين " تفسير للمكذبين وظاهر الآية - ويؤيده الآيات التالية - أن المراد بالتكذيب هو التكذيب القولي الصريح فيختص الذم بالكفار ولا يشمل الفسقة من أهل الايمان فلا يشمل مطلق المطففين بل الكفار منهم.
اللهم إلا أن يراد بالتكذيب ما يعم التكذيب العملي كما ربما أيده قوله السابق:
" الا يظن أولئك أنهم مبعوثون " فيشمل الفجار من المؤمنين كالكفار.
قوله تعالى: " وما يكذب به إلا كل معتد أثيم " المعتدى اسم فاعل من الاعتداء بمعنى التجاوز والمراد به المتجاوز عن حدود العبودية، والأثيم كثير الآثام بحيث تراكم بعضها على بعض بانهماكه في الأهواء.
ومن المعلوم أن المانع الوحيد الذي يردع عن المعصية هو الايمان بالبعث والجزاء، والمنهمك في الأهواء المتعلق قلبه بالاعتداء والاثم تأبى نفسه التسليم لما يردع عنها والتزهد عن المعاصي وينتهي إلى تكذيب البعث والجزاء قال تعالى: " ثم كان عاقبة الذين أساؤا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤن " الروم: 10.
قوله تعالى: " إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين " المراد بالآيات آيات القرآن بقرينة قوله " تتلى " والأساطير ما سطروه وكتبوه والمراد بها أباطيل الأمم الماضين والمعنى إذا تتلى عليه آيات القرآن مما يحذرهم المعصية وينذرهم بالبعث والجزاء قال: هي أباطيل.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»
الفهرست