تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٤٣
وثانيا: أن المراد بملاقاته انتهاؤه إلى حيث لا حكم إلا حكمه من غير أن يحجبه عن ربه حاجب.
وثالثا: أن المخاطب في الآية هو الانسان بما انه إنسان فالمراد به الجنس وذلك أن الربوبية عامة لكل إنسان.
قوله تعالى: " فأما من أوتي كتابه بيمينه " تفصيل مترتب على ما يلوح إليه قوله:
" إنك كادح إلى ربك " أن هناك رجوعا وسؤالا عن الأعمال وحسابا، والمراد بالكتاب صحيفة الأعمال بقرينة ذكر الحساب، وقد تقدم الكلام في معنى إعطاء الكتاب باليمين في سورتي الاسراء والحاقة.
قوله تعالى: " فسوف يحاسب حسابا يسيرا " الحساب اليسير ما سوهل فيه وخلا عن المناقشة قوله تعالى: " وينقلب إلى أهله مسرورا " المراد بالأهل من أعده الله له في الجنة من الحور والغلمان وغيرهم وهذا هو الذي يفيده السياق، وقيل: المراد به عشيرته المؤمنون ممن يدخل الجنة، وقيل المراد فريق المؤمنين وإن لم يكونوا من عشيرته فالمؤمنون إخوة والوجهان لا يخلوان من بعد.
قوله تعالى: " وأما من أوتي كتابه وراء ظهره " الظرف منصوب بنزع الخافض والتقدير من وراء ظهره، ولعلهم إنما يؤتون كتبهم من وراء ظهورهم لرد وجوههم على أدبارهم كما قال تعالى: " من قيل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها " النساء: 47.
ولا منافاة بين إيتاء كتابهم من وراء ظهورهم وبين إيتائهم بشمالهم كما وقع في قوله تعالى: " وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه " الحاقة: 27، وسيأتي في البحث الروائي التالي ما ورد في الروايات من معنى إيتاء الكتاب من وراء ظهورهم.
قوله تعالى: " فسوف يدعو ثبورا " الثبور كالويل الهلاك ودعاؤهم الثبور قولهم: وا ثبوراه.
قوله تعالى: " ويصلى سعيرا " أي يدخل نارا مؤججة لا يوصف عذابها، أو يقاسي حرها.
قوله تعالى: " إنه كان في أهله مسرورا " يسره ما يناله من متاع الدنيا وتنجذب نفسه إلى زينتها وينسيه ذلك أمر الآخرة وقد ذم تعالى فرح الانسان بما يناله من خير الدنيا وسماه فرحا بغير حق قال تعالى بعد ذكر النار وعذابها: " ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون " المؤمن: 75.
قوله تعالى: " إنه ظن أن لن يحور " أي لن يرجع والمراد الرجوع إلى ربه للحساب
(٢٤٣)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست