سياق النهي، والمراد بالعاجلة الحياة الدنيا، وعد اليوم ثقيلا من الاستعارة، والمراد بثقله شدته كأنه محمول ثقيل يشق حمله، واليوم يوم القيامة.
وكون اليوم وراءهم تقرره أمامهم لان وراء تفيد معنى الإحاطة، أو جعلهم إياه خلفهم ووراء ظهورهم بناء على إفادة " يذرون " معنى الاعراض.
والمعنى: فاصبر لحكم ربك وأقم الصلاة ولا تطع الآثمين والكفار منهم لان هؤلاء الآثمين والكفار يحبون الحياة الدنيا فلا يعملون إلا لها ويتركون أمامهم يوما شديدا أو يعرضون فيجعلون خلفهم يوما شديدا سيلقونه.
قوله تعالى: " نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا " الشد خلاف الفك، والأسر في الأصل الشد والربط ويطلق على ما يشد ويربط به فمعنى شددنا أسرهم أحكمنا ربط مفاصلهم بالرباطات والأعصاب والعضلات أو الأسر بمعنى المأسور والمعنى أحكمنا ربط أعضائهم المختلفة المشدودة بعضها ببعض حتى صار الواحد منهم بذلك إنسانا واحدا.
وقوله: " وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا " أي إذا شئنا بدلناهم أمثالهم فذهبنا بهم وجئنا بأمثالهم مكانهم وهو إماتة قرن وإحياء آخرين، وقيل المراد به تبديل نشأتهم الدنيا من نشأة القيامة وهو بعيد من السياق.
والآية في معنى دفع الدخل كأن متوهما يتوهم أنهم بحبهم للدنيا وإعراضهم عن الآخرة يعجزونه تعالى ويفسدون عليه إرادته منهم أن يؤمنوا ويطيعوا فأجيب بأنهم مخلوقون لله خلقهم وشد أسرهم وإذا شاء أذهبهم وجاء بآخرين فكيف يعجزونه وخلقهم وأمرهم وحياتهم وموتهم بيده؟
قوله تعالى: " إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا " تقدم تفسيره في سورة المزمل والإشارة بهذه إلى ما ذكر في السورة.
قوله تعالى: " وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما " الاستثناء من النفي يفيد أن مشية العبد متوقفة في وجودها على مشيته تعالى فلمشيته تعالى تأثير في فعل العبد من طريق تعلقها بمشية العبد، وليست متعلقة بفعل العبد مستقلا وبلا واسطة حتى تستلزم بطلان تأثير إرادة العبد وكون الفعل جبريا ولا أن العبد مستقل في إرادة يفعل ما يشاؤه شاء الله أولم يشأ، فالفعل اختياري لاستناده إلى اختيار العبد، وأما