تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٣٩
ساجدين " الحجر: 29 ص: 72، وقال: " ثم سواه ونفخ فيه من روحه " ألم السجدة: 9.
والذي يسبق من الآيتين إلى النظر البادئ أن الروح والبدن حقيقتان اثنتان متفارقتان نظير العجين المركب من الماء والدقيق والانسان مجموع الحقيقتين فإذا قارنت الروح الجسد كان إنسانا حيا وإذا فارقت فهو الموت.
لكن يفسرها قوله تعالى: " قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم " لم السجدة 11 حيث يفيد أن الروح التي يتوفاها ويأخذها قابض الأرواح هي التي يعبر عنها بلفظة " كم " وهو الانسان بتمام حقيقته لا جزء من مجموع فالمراد بنفخ الروح في الجسد جعل الجسد بعينه إنسانا لا ضم واحد إلى واحد آخر يغايره في ذاته وآثار ذاته فالانسان حقيقة واحدة حين تعلق روحه ببدنه وبعد مفارقة روحه البدن.
ويفيد هذا المعنى قوله تعالى: " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر " المؤمنون: 14 فالذي أنشأه الله خلقا آخر هو النطفة التي تكونت علقة ثم مضغة ثم عظاما بعينها.
وفي معناها قوله تعالى: " هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا " فتقييد الشئ المنفي بالمذكور يعطي أنه كان شيئا لكن لم يكن مذكورا فقد كان أرضا أو نطفة مثلا لكن لم يكن مذكورا أنه الانسان الفلاني ثم صار هو هو.
فمفاد كلامه تعالى أن الانسان واحد حقيقي هو المبدء الوحيد لجميع آثار البدن الطبيعية والآثار الروحية كما أنه مجرد في نفسه عن المادة كما يفيده أمثال قوله تعالى: " قل يتوفاكم ملك الموت " وقوله: " الله يتوفى الأنفس حين موتها " الزمر: 42 وقوله: " ثم أنشأناه خلقا آخر " وقد تقدم بيانه.
إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا - 23. فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا - 24. واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا -
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست