تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٤٦
تنزل بها الملائكة قال تعالى: " ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده " النحل: 2 وقال " يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده " المؤمن: 15.
والمعنى أقسم بالجماعات المرسلات من ملائكة الوحي.
وقيل: المراد بالمرسلات عرفا الرياح المتتابعة المرسلة وقد تقدمت الإشارة إلى ضعفه، ومثله في الضعف القول بأن المراد بها الأنبياء عليهم السلام فلا يلائمه ما يتلوها.
قوله تعالى: " فالعاصفات عصفا " عطف على المرسلات والمراد بالعصف سرعة السير استعارة من عصف الرياح أي سرعة هبوبها إشارة إلى سرعة سيرها إلى ما أرسلت إليه، والمعنى أقسم بالملائكة الذين يرسلون متتابعين فيسرعون في سيرهم كالرياح العاصفة.
قوله تعالى: " والناشرات نشرا " إقسام آخر، ونشر الصحيفة والكتاب والتوب ونحوها: بسطه، والمراد بالنشر نشر صحف الوحي كما يشير إليه قوله تعالى: " كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة " عبس: 16 والمعنى وأقسم بالملائكة الناشرين للصحف المكتوبة عليها الوحي للنبي ليتلقاه.
وقيل: المراد بها الرياح ينشرها الله تعالى بين يدي رحمته وقيل: الرياح الناشرة للسحاب، وقيل: الملائكة الناشرين لصحائف الأعمال، وقيل: الملائكة نشروا أجنحتهم حين النزول وقيل: غير ذلك.
قوله تعالى: " فالفارقات فرقا " المراد به الفرق بين الحق والباطل وبين الحلال والحرام، والفرق المذكور صفة متفرعة على النشر المذكور.
قوله تعالى: " فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا " المراد بالذكر القرآن يقرؤنه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو مطلق الوحي النازل على الأنبياء المقرو عليهم.
والصفات الثلاث أعني النشر والفرق وإلقاء الذكر مترتبة فإن الفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام يتحقق بنشر الصحف والقاء الذكر فبالنشر يشرع الفرق في التحقق وبالتلاوة يتم تحققه فالنشر يترتب عليه مرتبة من وجود الفرق ويترتب عليها تمام وجوده بالالقاء.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست