تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٤١
وقوله " ولا تطع منهم آثما أو كفورا " ورود الترديد في سياق النهي يفيد عموم الحكم فالنهي عن طاعتهما سواء اجتمعا أو افترقا، والظاهر أن المراد بالاثم المتلبس بالمعصية وبالكفور المبالغ في الكفر فتشمل الآية الكفار والفساق جميعا.
وسبق النهي عن طاعة الاثم والكفور بالامر بالصبر لحكم ربه يفيد كون النهي مفسرا للامر فمفاد النهي أن لا تطع منهم آثما إذا دعاك إلى إثمه ولا كفورا إذا دعاك إلى كفره لان إثم الآثم منهم وكفر الكافر مخالفان لحكم ربك وأما تعليق الحكم بالوصف المشعر بالعلية فإنما يفيد علية الاثم والكفر للنهي عن الطاعة مطلقا لا عليتهما للنهي إذا دعا الآثم إلى خصوص إثمه والكافر إلى خصوص كفره.
قوله تعالى: " واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا " أي داوم على ذكر ربك وهو الصلاة في كل بكرة وأصيل وهما الغدو والعشي.
قوله تعالى: " ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا " " من " للتبعيض والمراد بالسجود له الصلاة، ويقبل ما في الآيتين من ذكر اسمه بكرة وأصيلا والسجود له بعض الليل الانطباق على صلاة الصبح والعصر والمغرب والعشاء وهذا يؤيد نزول الآيات بمكة قبل فرض الفرائض الخمس بقوله في آية الاسراء: " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر " أسرى: 78.
فالآيتان كقوله تعالى: " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل " هود: 114، وقوله " وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار " طه: 130.
نعم قيل: على أن الأصيل يطلق على ما بعد الزوال فيشمل قوله " وأصيلا " وقتي صلاتي الظهر والعصر جميعا، ولا يخلو من وجه.
وقوله: " وسبحه ليلا طويلا " أي في ليل طويل ووصف الليل بالطويل توضيحي لا احترازي، والمراد بالتسبيح صلاة الليل، واحتمل أن يكون طويلا صفة لمفعول مطلق محذوف، والتقدير سبحه في الليل تسبيحا طويلا.
قوله تعالى: " إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا " تعليل لما تقدم من الأمر والنهي والإشارة بهؤلاء إلى جمع الاثم والكفور المدلول عليه بوقوع النكرة في
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست