تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٥٢
وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون - 48. ويل يومئذ للمكذبين - 49.
فبأي حديث بعده يؤمنون - 50.
(بيان) حجج دالة على توحد الربوبية تقضي بوجود يوم الفصل الذي فيه جزاء المكذبين به، وإشارة إلى ما فيه من الجزاء المعد لهم الذي كانوا يكذبون به، وإلى ما فيه من النعمة والكرامة للمتقين، وتختتم بتوبيخهم وذمهم على استكبارهم عن عبادته تعالى والايمان بكلامه.
قوله تعالى: " ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين " الاستفهام للانكار، والمراد بالأولين أمثال قوم نوح وعاد وثمود من الأمم القديمة عهدا، وبالآخرين الملحقون بعهم من الأمم الغابرة، والاتباع جعل الشئ إثر الشئ.
وقوله: " ثم نتبعهم " برفع نتبع على الاستيناف وليس بمعطوف على " نهلك " وإلا جرام.
والمعنى قد أهلكنا المكذبين من الأمم الأولين ثم إنا نهلك الأمم الآخرين على إثرهم.
وقوله: " كذلك نفعل بالمجرمين " في موضع التعليل لما تقدمه ولذا أورد بالفصل من غير عطف كأن قائلا قال: لماذا أهلكوا؟ فقيل: كذلك نفعل بالمجرمين. والآيات - كما ترى - إنذار وإرجاع للبيان إلى الأصل المضروب في السورة أعني قوله: " ويل يومئذ للمكذبين " وهي بعينها حجة على توحد الربوبية فإن اهلاك المجرمين من الانسان تصرف في العالم الانساني وتدبير، وإذ ليس المهلك إلا الله - وقد اعترف به المشركون - فهو الرب لا رب سواه ولا إله غيره.
على أنها تدل على وجود يوم الفصل لان أهل إهلاك قوم لاجرامهم لا يتم إلا بعد توجه تكليف إليهم يعصونه ولا معنى للتكليف إلا مع مجازاة المطيع بالثواب والعاصي بالعقاب فهناك يوم يفصل فيه القضاء فيثاب فيه المطيع ويعاقب فيه العاصي وليس هو الثواب والعقاب الدنيويين لأنهما لا يستوعبان في هذه الدار فهناك يوم يجازى فيه كل بما عمل، وهو يوم الفصل ذلك يوم مجموع له الناس.
(١٥٢)
مفاتيح البحث: الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست