تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٣٦
- نازلا بمكة، ويؤيده ما في كثير من الروايات المتقدمة ان الذي نزل في أهل البيت بالمدينة هو الفصل الأول من الآيات، وعلى هذا أول السورة مدني وآخرها مكي.
ولو سلم نزولها دفعة واحدة فأمره صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر لا اختصاص له بالسور المكية فقد ورد في قوله: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا " الكهف: 28 والآية - على ما روي - مدنية والآية - كما ترى - متحدة المعنى مع قوله: " فاصبر لحكم ربك " الخ وهي في سياق شبيه جدا بسياق هذه الآيات فراجع وتأمل.
ثم الذي كان يلقاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اذى المنافقين والذين في قلوبهم مرض والجفاة من ضعفاء الايمان لم يكن بأهون من اذى المشركين بمكة يشهد بذلك اخبار سيرته.
ولا دليل أيضا على انحصار الاثم والكفور في مشركي مكة فهناك غيرهم من الكفار وقد أثبت القرآن الاثم لجمع من المسلمين في موارد كقوله: " لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم " النور: 11، وقوله: " ومن يكسب خطيئة أو اثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا واثما مبينا " النساء: 112.
وفي المجمع وروى العياشي باسناده عن عبد الله بن بكير عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله: " لم يكن شيئا مذكورا " قال: كان شيئا ولم يكن مذكورا.
أقول: وروى فيه أيضا عن عبد الاعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.
وفيه أيضا عن العياشي باسناده عن سعيد الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان مذكورا في العلم ولم يكن مذكورا في الخلق.
أقول: يعني انه كان له ثبوت في علم الله ثم خلق بالفعل فصار مذكورا فيمن خلق.
وفي الكافي باسناده عن مالك الجهني عن أبي عبد الله عليه السلام في الآية قال: كان مقدرا غير مذكور.
أقول: هو في معنى الحديث السابق.
وفي تفسير القمي في الآية قال: لم يكن في العلم ولا في الذكر، وفي حديث آخر:
كان في العلم ولم يكن في الذكر.
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست