تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١٢٠
عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا - 21. إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا - 22.
(بيان) تذكر السورة خلق الانسان بعد ما لم يكن شيئا مذكورا ثم هدايته السبيل إما شاكرا وإما كفورا وأن الله إعتد للكافرين أنواع العذاب وللأبرار ألوان النعم - وقد فصل القول في وصف نعيمهم في ثمان عشرة آية وهو الدليل على أنه المقصود بالبيان -.
ثم تذكر مخاطبا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن القرآن تنزيل منه تعالى عليه وتذكرة فليصبر لحكم ربه ولا يتبع الناس في أهوائهم وليذكر اسم ربه بكرة وعشيا وليسجد له من الليل وليسبحه ليلا طويلا.
والسورة مدنية بتمامها أو صدرها - وهي اثنتان وعشرون آية من أولها - مدني، وذيلها - وهي تسع آيات من آخرها - مكي وقد أطبقت روايات أهل البيت عليهم السلام على كونها مدنية، واستفاضت بذلك روايات أهل السنة.
وقيل بكونها مكية بتمامها، وسيوافيك تفصيل القول في ذلك في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى. " هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا " الاستفهام للتقرير فيفيد ثبوت معنى الجملة وتحققه أي قد أتى على الانسان " الخ " ولعل هذا مراد من قال من قدماء المفسرين: إن " هل " في الآية بمعنى قد، لا على أن ذلك أحد معاني " هل " كما ذكره بعضهم.
والمراد بالانسان الجنس. وأما قول بعضهم: إن المراد به آدم عليه السلام فلا يلائمه قوله في الآية التالية: " إنا خلقنا الانسان من نطفة ".
والحين قطعة من الزمان محدودة قصيرة كانت أو طويلة، والدهر الزمان الممتد من دون تحديد ببداية أو نهاية.
وقوله: " شيئا مذكورا " أي شيئا يذكر باسمه في المذكورات أي كان يذكر مثلا الأرض والسماء والبر والبحر وغير ذلك ولا يذكر الانسان لأنه لم يوجد بعد حتى وجد
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»
الفهرست