تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١١٦
من التنزيل شدة، وكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن ينفلت منه يريد أن يحفظه فأنزل الله " لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه " قال: إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم نقرأه " فإذا قرأناه " يقول: إذا أنزلناه عليك " فاتبع قرآنه " فاستمع له وانصت " ثم إن علينا بيانه " بينه [نبينه ظ] بلسانك، وفي لفظ علينا أن نقرأه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق - وفي لفظ استمع - فإذا ذهب قرء كما وعده الله.
وفيه أخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه القرآن تعجل بقراءته ليحفظه فنزلت هذه الآية " لا تحرك به لسانك ".
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم ختم سورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم.
أقول: وروى ما في معنى صدر الحديث في المجمع عن ابن جبير وفي معناه غير واحد من الروايات، وقد تقدم أن في انطباق هذا المعنى على الآيات خفاء.
وفي تفسير القمي قوله تعالى: " كلا بل تحبون العاجلة " قال: الدنيا الحاضرة " وتذرون الآخرة " قال: تدعون " وجوه يومئذ ناضرة " أي مشرقة " إلى ربها ناظرة " قال: ينظرون إلى وجه الله أي رحمة الله ونعمته.
وفي العيون في باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من أخبار التوحيد باسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: قال علي بن موسى الرضا عليه السلام في قوله تعالى: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " يعني مشرقة تنتظر ثواب ربها.
أقول: ورواه في التوحيد والاحتجاج والمجمع عن علي عليه السلام، وقد اعترض على أخذ ناظرة بمعنى منتظرة بأن الانتظار لا يتعدى بإلى بل هو متعد بنفسه، ورد عليه في مجمع البيان بالاستشهاد بقول جميل بن معمر:
وإذا نظرت إليك من ملك * والبحر دونك جدتني نعما وقول الآخر: إني إليك لما وعدت لناظر * نظر الفقير إلى الغني الموسر وعد في الكشاف إطلاق النظر في الآية بمعنى الانتظار استعمالا كنائيا وهو معنى حسن.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست