تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١١٧
وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر والآجري في الشريعة والدارقطني في الرؤية والحاكم وابن مردويه واللالكائي في السنة والبيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل الجنة منزلا لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية.
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وجوه يومئذ ناضرة " قال: البياض والصفاء " إلى ربها ناظرة " قال: ينظر كل يوم في وجهه.
أقول: الرواية تقبل الانطباق على المعنى الذي أوردناه في تفسير الآية، ومع الغض عنه تقبل الحمل على رحمته وفضله وكرمه تعالى وسائر صفاته الفعلية فإن وجه الشئ ما يستقبل به الشئ غيره وما يستقبل به الله سبحانه خلقه هو صفاته الكريمي فالنظر إلى رحمة الله وفضله وكرمه وصفاته الكريمة نظر إلى وجه الله الكريم.
وفيه أخرج ابن مردويه عن انس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله:
" وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " قال: ينظرون إلى ربهم بلا كيفية ولا حد محدود ولا صفة معلومة.
أقول: والرواية تؤيد ما قدمنا في تفسير الآية أن المراد به النظر القلبي ورؤية القلب دون العين الحسية، وهي تفسر ما ورد في عدة روايات من طرق أهل السنة مما ظاهره التشبيه وأن الرؤية بالعين الحسية التي لا تفارق المحدودية.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى: " كلا إذا بلغت التراقي " قال: يعني النفس إذا بلغت الترقوة " وقيل من راق " قال: يقال له: من يرقيك " وظن أنه الفراق " علم أنه الفراق وفي الكافي بإسناده إلى جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل " وقيل من راق وظن أنه الفراق " قال: فان ذلك ابن آدم إذا حل به الموت قال: هل من طبيب " وظن أنه الفراق " أيقن بمفارقة الأحبة " والتفت الساق بالساق " قال:
التفت الدنيا بالآخرة " إلى ربك يومئذ المساق " قال: المسير إلى رب العالمين.
وفي تفسير القمي " والتفت الساق بالساق " قال: التفت الدنيا بالآخرة " إلى ربك يومئذ المساق " قال: يساقون إلى الله.
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»
الفهرست