تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١١٤
ولو كان تقديم " إلى ربك " لإفادة الحصر أفاد انحصار الغاية في الرجوع إليه تعالى.
وقيل: الكلام على تقدير مضاف وتقديم " إلى ربك " لإفادة الحصر والتقدير إلى حكم ربك يومئذ المساق اي يساق ليحكم الله ويقضي فيه بحكمه، أو التقدير إلى موعد ربك وهو الجنة والنار، وقيل: المراد برجوع المساق إليه تعالى انه تعالى هو السائق لا غير، والوجه ما تقدم.
قوله تعالى: " فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله يتمطى " الضمائر راجعة إلى الانسان المذكور في قوله: " أيحسب الانسان " الخ، والمراد بالتصديق المنفي تصديق الدعوة الحقة التي يتضمنها القرآن الكريم، وبالتصلية المنفية التوجه العبادي إليه تعالى بالصلاة التي هي عمود الدين.
والتمطي - على ما في المجمع - تمدد البدن من الكسل وأصله أن يلوي مطاه اي ظهره، والمراد بتمطيه في ذهابه التبختر والاختيال استعارة.
والمعنى: فلم يصدق هذا الانسان الدعوة فيما فيها من الاعتقاد ولم يصل لربه أي لم يتبعها فيما فيها من الفروع وركنها الصلاة ولكن كذب بها وتولى عنها ثم ذهب إلى أهله يتبختر ويختال مستكبرا.
قوله تعالى: " أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى " لا ريب أنه كلمة تهديد كررت لتأكيد التهديد، ولا يبعد - والله أعلم - أن يكون قوله: " أولى لك " خبرا لمبتدء محذوف هو ضمير عائد إلى ما ذكر من حال هذا الانسان وهو أنه لم يصدق ولم يصل ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى أهله متبخترا مختالا، وإثبات ما هو فيه من الحال له كناية عن إثبات ما هو لازمه من التبعة والعقاب.
فيكون الكلام وهي كلمة ملقاة من الله تعالى إلى هذا الانسان كلمة طبع طبع الله بها على قلبه حرم بها الايمان والتقوى وكتب عليه أنه من أصحاب النار، والآيتان تشبهان بوجه قوله تعالى: " فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم " سورة محمد: " 20.
والمعنى: ما أنت عليه من الحال أولى وأرجح لك فأولى ثم أولى لك فأولى لتذوق وبال أمرك ويأخذك ما أعد لك من العذاب.
وقيل: أولى لك اسم فعل مبني ومعناه وليك شر بعد شر.
وقيل: أولى فعل ماض دعائي من الولي بمعنى القرب وفاعل الفعل ضمير مستتر عائد إلى الهلاك واللام مزيدة والمعنى أولاك الهلاك.
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست