تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٢٠ - الصفحة ١١١
فإنا نجمعها لك فإذا جمعناه فاتبع ما جمع عليك بالانقياد لحكمه والاستسلام للتبعة فيه فإنه لا يمكنك إنكاره ثم إن علينا بيانه لو أنكرت. انتهى.
ويدفعه أن المعترضة لا تحتاج في تمام معناها إلى دلالة مما قبلها وما بعدها عليه على أن مشاكلة قوله: " ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه " في سياقه لهذه الآيات تؤيد مشاكلتها له في المعنى.
وعن بعضهم أن الآيات الأربع متصلة بما تقدم من حديث يوم القيامة، وخطاب " لا تحرك " للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وضمير " به " ليوم القيامة، والمعنى لا تتفوه بالسؤال عن وقت القيامة أصلا ولو كنت غير مكذب ولا مستهزئ " لتعجل به " أي بالعلم به " إن علينا جمعه وقرآنه " أي من الواجب في الحكمة أن نجمع من نجمعه فيه ونوحي شرح وصفه إليك في القرآن " فإذا قرأناه فاتبع قرآنه " أي إذا قرأنا ما يتعلق به فاتبع ذلك بالعمل بما يقتضيه من الاستعداد له " ثم إن علينا بيانه " أي إظهار ذلك بالنفخ في الصور انتهى ملخصا وهو كما ترى.
وقد تقدم في تفسير قوله: " ولا تعجل بالقرآن " أن هذا النهي عن العجل بالقرآن يؤيد ما ورد في الروايات أن للقرآن نزولا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم دفعة غير نزوله تدريجا.
قوله تعالى: " كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة " خطاب للناس وليس من تعميم الخطاب السابق في شئ لان خطاب " لا تحرك " اعتراضي غير مرتبط بشئ من طرفيه.
وقوله: " كلا " ردع عن قوله السابق: " يحسب الانسان أن لن نجمع عظامه " وقوله:
" بل تحبون العاجلة " - أي الحياة العاجلة وهي الحياة الدنيا - " وتذرون الآخرة " أي تتركون الحياة الآخرة، وما في الكلام من الاضراب إضراب عن حسبان عدم الاحياء بعد الموت نظير الاضراب في قوله: " بل يريد الانسان ليفجر أمامه ".
قوله تعالى: " وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة " وصف ليوم القيامة بانقسام الوجوه فيه إلى قسمين: ناضرة وباسرة، ونضرة الوجه واللون والشجر ونحوها ونضارتها حسنها وبهجتها.
والمعنى: نظرا إلى ما يقابله من قوله: " ووجوه يومئذ باسرة " الخ وجوه يوم إذ تقوم القيامة حسنة متهللة ظاهرة المسرة والبشاشة قال تعالى: " تعرف في وجوههم نضرة
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست