تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٦٠
والمعنى: يسمع آيات الله - وهي آيات القرآن - تقرأ عليه ثم يلازم الكفر والحال أنه مستكبر لا يتواضع للحق كأن لم يسمع تلك الآيات فبشره بعذاب أليم.
قوله تعالى: (وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا) الخ، ظاهر السياق أن ضمير (اتخذها) للآيات، وجعل الهزء متعلقا بالآيات دون ما علم منها يفيد كمال جهله، والمعنى: وإذا علم ذلك الأفاك الأثيم المصر المستكبر بعض آياتنا استهزء بآياتنا جميعا.
وقوله: (أولئك لهم عذاب مهين) أي مذل مخز، وتوصيف العذاب بالإهانة مقابلة لاستكبارهم واستهزائهم، والإشارة بأولئك إلى كل أفاك، وقيل في الآية بوجوه أخر أعرضنا عنها لعدم الجدوى فيها.
قوله تعالى: (من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء) الخ، لما كانوا مشتغلين بالدنيا معرضين عن الحق غير ملتفتين إلى تبعات أعمالهم جعلت جهنم وراءهم مع أنها قدامهم وهم سائرون نحوها متوجهون إليها.
وقيل: وراءهم بمعنى قدامهم قال في المجمع: وراء اسم يقع على القدام والخلف فما توارى عنك فهو وراءك خلفك كان أو أمامك. انتهى. وفي قوله: (من ورائهم جهنم) قضاء حتم.
وقوله: (ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا) المراد بما كسبوا ما حصلوه في الدنيا من مال ونحوه، وتنكير (شيئا) للتحقير أي ولا يغني عنهم يوم الحساب ما كسبوه من مال وجاه وأنصار في الدنيا شيئا يسيرا حقيرا.
وقوله: (ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء) (ما) مصدرية والمراد بالأولياء أرباب الأصنام الذين اتخذوهم أربابا آلهة وزعموا أنهم لهم شفعاء أو الأصنام.
وقوله: (ولهم عذاب عظيم) تأكيد لوعيدهم وقد أوعدهم الله سبحانه أولا بقوله: (ويل لكل أفاك) الخ، وثانيا بقوله: (فبشره بعذاب أليم) وثالثا بقوله:
(أولئك لهم عذاب مهين) ورابعا بقوله: (من ورائهم جهنم) الخ، وخامسا بقوله:
(ولهم عذاب عظيم)، ووصف عذابهم في خلالها بأنه أليم مهين عظيم.
قوله تعالى: (هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم)
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست