تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٤٩
قوله تعالى: (إن هذا ما كنتم به تمترون) الامتراء الشك والارتياب، والآية تتمه قولهم له: (ذق) الخ، وفيها تأكيد وإعلام لهم بخطإهم وزلتهم في الدنيا حيث ارتابوا فيما يشاهدونه اليوم من العذاب مشاهدة عيان، ولذا عبر عن تحمل العذاب بالذوق لما أنه يعبر عن إدراك ألم المولمات ولذة الملذات إدراكا تاما بالذوق.
ويمكن أن تكون الآية استئنافا من كلام الله سبحانه يخاطب به الكفار بعد ذكر حالهم في يوم القيامة، وربما أيده قوله: (كنتم به تمترون) بخطاب الجمع والخطاب في الآيات السابقة بالافراد.
قوله تعالى: (إن المتقين في مقام أمين) المقام محل القيام بمعنى الثبوت والركوز ولذا فسر أيضا بموضع الإقامة، والأمين صفة من الامن بمعنى عدم إصابة المكروه، والمعنى: إن المتقين - يوم القيامة - ثابتون في محل ذي أمن من إصابة المكروه مطلقا.
وبذلك يظهر أن نسبة الامن إلى المقام بتوصيف المقام بالأمين من المجاز في النسبة.
قوله تعالى: (في جنات وعيون) بيان لقوله: (في مقام أمين) وجعل العيون ظرفا لهم باعتبار المجاورة ووجودها في الجنات التي هي ظرف، وجمع الجنات باعتبار اختلاف أنواعها أو باعتبار أن لكل منهم وحده جنة أو أكثر.
قوله تعالى: يلبسون من سندس واستبرق متقابلين) السندس الرقيق من الحرير والاستبرق الغليظ منه وهما معربان من الفارسية.
وقوله: (متقابلين) أي يقابل بعضهم بعضا للاستيناس إذ لا شر ولا مكروه عندهم لكونهم في مقام أمين.
قوله تعالى: (كذلك وزوجناهم بحور عين) أي الامر كذلك أي كما وصفناه والمراد بتزويجهم بالحور جعلهم قرناء لهن من الزوج بمعنى القرين وهو أصل التزويج في اللغة، والحور جمع حوراء بمعنى شديدة سواد العين وبياضها أو ذات المقلة السوداء كالظباء، والعين جمع عيناء بمعنى عظيمة العينين، وظاهر كلامه تعالى أن الحور العين غير نساء الدنيا الداخلة في الجنة.
قوله تعالى: (يدعون فيها بكل فاكهة آمنين) أي آمنين من ضررها.
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست